أقول : وقبل أن نعرّج على صحيح مسلم ، نود لفت نظر القارئ إلى وصف ابن كثير لما انتقاه بالصحاح والحسان والمستجادات ... ومن البديهي أنّ ما سبق منا ذكره نقلاً عنه ممّا يتعلق بابن عباس كان ممّا انتقاه ، وقد بيّنا زيفه سنداً ، فهو إذن ليس من الصحاح ولا الحسان ولا المستجادات ، بل هو من الموضوعات والمنكرات فلماذا ذكرها؟
أمّا ما ذكره عن صحيح مسلم منسوباً إلى ابن عباس فليس ثمة ما هو كذلك وأحسبه أراد ما أخرجه عن أبي حمزة القصّاب عن ابن عباس قال : « كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فتواريت خلف باب ، قال : فجاء فحطأني حطأة وقال : اذهب وادع لي معاوية ، قال : فجئت فقلت : هو يأكل ، قال ثمّ قال لي اذهب فادع لي معاوية قال : فجئت فقلت هو يأكل فقال : لا أشبع الله بطنه ».
قال ابن المثنى قلت لأمية : ما حطأني قال : قفدني قفدة (١). ( أي ضربني بكفّه بين كتفيّ ).
وقد أعاد مسلم ذكر الحديث بسند آخر مختصراً للمتن (٢) ومن هذا الحديث ـ فيما أظنه ـ نحت ابن عساكر الحديث عن أبي جمرة ـ والصحيح أبي
____________________
(١) صحيح مسلم ٨ / ١٢٧ طبع محمّد عليّ صبيح.
(٢) لقد مرّ ذكر هذا الحديث في الجزء الأوّل في حياة ابن عباس في عهد الرسول في شواهد ومشاهد كما مرّ في هذا الجزء في جهاد ابن عباس بسلاح الرواية وعقبنا عليه بما يقتضي المقام وذكرنا سند أحمد في مسنده أخرجه مكرراً مختصراً ومطولاً أربع مرات وليس في شيء منها جملة ( لا أشبع الله بطنه ) فهل ابتلعها من لم يشبع الله بطنه؟ راجع ٢١٥٠ و ٢٦٥١ و ٣١٠٤ و ٣١٣١ تح ـ أحمد محمّد شاكر.
وأخرج أبو داود الطيالسي في مسنده برقم ٢٧٤٦ كما وأشار إليه ابن حجر في تهذيب التهذيب ٨ / ١٣٦.
والذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة معاوية وابن عبد البر في الاستيعاب ( ترجمة معاوية ) وابن الأثير في أسد الغابة ( ترجمة معاوية ).