أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لابن عباس فأتى ابن عباس فقال : أوتر معاوية بركعة بعد العشاء؟ فقال : دعه فإنّه قد صحب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) » (١).
٦ ـ « حدّثنا ابن أبي مريم ثنا نافع بن عمر ثنا ابن أبي مليكة قال : قيل لابن عباس : هل لك في أمير المؤمنين معاوية؟ ما أوتر إلاّ بواحدة. قال : أصاب ، إنّه فقيه » (٢).
أقول : ذكر البخاري هذين الخبرين في صحيحه ، وكأنه لم يشأ أن يتخطى معاوية فلا يخط له ذكراً مع أصحاب السوابق والمناقب من الصحابة ، ولمّا لم يجد له منقبة تؤهله لذلك فنازعته نفسه وغلبه هواه فعمد إلى حشر معاوية فقال : ( باب في ذكر معاوية ) ، وفي اختياره هذا العنوان قال ابن حجر : « تنبيه : عبّر البخاري في هذه الترجمة بقوله ذكر ولم يقل فضيلة ولا منقبة ، لكون الفضيلة لا تؤخذ من حديث الباب ، لأنّ ظاهر شهادة ابن عباس له بالفقه والصحبة دالة على الفضل الكثير ، وقد صنف ابن أبي عاصم جزءاً في مناقبه ، وكذلك أبو عمر غلام ثعلب وأبو بكر النقاش ، وأورد ابن الجوزي في الموضوعات بعض الأحاديث الّتي ذكروها ثمّ ساق عن إسحاق بن راهويه انّه قال : لم يصح في فضائل معاوية شيء ، فهذه النكتة في عدول البخاري عن التصريح بلفظ منقبة اعتماداً على قول شيخه ، لكن بدقيق نظره استنبط ما يدفع ( يدمغ ظ ) به رؤوس الروافض ، وقصة النسائي في ذلك مشهورة (٣) ، وكأنه اعتمد أيضاً على قول شيخه ، وكذلك في
____________________
(١) البداية والنهاية ٨ / ١٢٢.
(٢) البداية والنهاية ٨ / ١٢٢.
(٣) رواها الذهبي في تذكرة الحفاظ / ٦٩٩ ط دمج بيروت وابن خلكان في وفيات الاعيان ١ / ٧٧ والمقريزي في المقفى الكبير ١ / ٤٠٢ وغيرهم وخلاصتها خرج من مصر إلى دمشق والمنحرف بها عن عليّ كثير فصنف كتاب الخصائص رجاء أن يهديهم الله ( عزّ وجلّ ). فسئل عن فضائل معاوية فقال أي شيء أخرّج ما اعرف له من فضيلة إلاّ حديث : ( اللّهمّ لا تشبع بطنه ) فضربوه في الجامع وداسوا في خصييه ( حضنيه ) حتى اخرج من الجامع ، ثمّ