وأعود إلى ابن عساكر الّذي اعتبر هذا الحديث من أصح ما ورد في حقّ معاوية ، وتابعه ابن كثير على ذلك!! فهلاّ بحثاً عن رجال سنده أوّلاً ، ولا أقل عن أبي حمزة القصاب راوي الحديث عن ابن عباس.
فقد ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء فقال : لا يتابَع على حديثه ولا يعرف إلاّ به ، وحكى عن سفيان قوله : قدم علينا أبو حمزة صاحب ابن عباس فلم آته (١).
وذكره ابن حجر وحكى عن أبي زرعة انّه ليّن ، وعن أبي حاتم والنسائي قولهما : ليس بالقوي ، وعن الآجري عن أبي داود قوله : ليس بذاك وهو ضعيف (٢).
وقال النووي : « ليس له عن ابن عباس عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) غير هذا الحديث ، وله عن ابن عباس من قوله : إنّه يكره مشاركة المسلم اليهودي ، وكلّ ما في الصحيحين أبو جمرة عن ابن عباس فهو بالجيم والراء وهو نصر بن عمران الضبعي ، إلاّ هذا القصاب ـ بياع القصب ـ فله في مسلم هذا الحديث وحده ، لا ذكر له في البخاري » (٣).
أقول : فهذا حال الراوي عن ابن عباس ويكفي أنّه لا يتابَع على حديثه كما قال العقيلي ، وليكن ابن عساكر يراه من أصح ما ورد في فضل معاوية ، وليتابعه ابن كثير على ذلك ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ) (٤).
٥ ـ قال ابن كثير : « وقد قال البخاري في كتاب المناقب ( ذكر معاوية بن أبي سفيان ) : حدّثنا الحسن بن بشر ثنا المعافى عن عثمان بن الأسود عن ابن أبي مليكة قال :
____________________
(١) الضعفاء الكبير ٣ / ٢٩٩.
(٢) تهذيب التهذيب ٨ / ١٣٥.
(٣) شرح صحيح مسلم ١١ / ١٥٥ ط دار الكتاب العربي سنة ١٤٠٧.
(٤) محمّد / ١٦.