الجرشي ـ وكان فقيهاً ـ فلمّا دخل عليه ، قال : انّ هذه اتيت بها مجردة فرأيت منها ذاك وذاك ، وإنّي أردت أن أبعث بها إلى يزيد؟ قال : لا تفعل يا أمير المؤمنين ، فإنها لا تصلح له ، فقال : نعم ما رأيت. قال : ثمّ وهبها لعبد الله بن مسعدة الفزاري مولى فاطمة بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وكان أسود فقال له : بيّض بها ولدك.
وهذا من فقه معاوية وتحريّه حيث كان نظر إليها بشهوة ولكنه استضعف نفسه عنها ، فتحرّج أن يهبها من ولده يزيد لقوله تعالى : ( وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ ) (١) وقد وافقه على ذلك الفقيه ربيعة بن عمرو الدمشقي ... اهـ ».
وإلى هنا فلنختم فقه معاوية بما ذكره ابن كثير (٢) عن ابن عساكر فيما رواه في فضائل معاوية.
وليس لنا من تعليق على ما ذكره سوى إنّا نقول : أنّ زوجته ميسون الكلبية كانت أفقه منه حين دخل عليها يوماً ومعه خادم خصيّ فاستترت منه وقالت : ما هذا الرجل معك؟ فقال : إنّه خصيّ فاظهري عليه ، فقالت : ما كانت المثلة لتحل له ما حرّم الله عليه ، وحجبته عنها. قال ابن كثير : وفي رواية إنّها قالت له : إنّ مجرّد مثلتك له لن تحلّ ما حرّمه الله عليه.
هذه نماذج من موارد فقهه الّتي خالف فيها الكتاب والسنّة ، ثمّ ينسب أولياؤه ـ وبلا حياء ـ إلى ابن عباس الّذي هو حبر الأمة وترجمان القرآن أنّه قال فيه : « أصاب إنّه فقيه »!؟ وهب أنا صدقنا الراوي في شهادة ابن عباس
____________________
(١) النساء / ٢٢.
(٢) أنظر البداية والنهاية ٨ / ١٤٠.