أوه أوه ، ما لي ولآل أبي سفيان ، ما لي ولآل حزب الشيطان وأولياء الكفر ، صبراً يا أبا عبد الله ، فقد لقي أبوك مثل الّذي تلقى منهم ـ ثمّ ذكر ابن عباس كلاماً طويلاً قاله الإمام إلى أن قال :
ـ والّذي نفسي بيده لقد حدّثني الصادق المصدّق أبو القاسم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أنّي سأراها في خروجي إلى أهل البغي علينا ، وهذه أرض كرب وبلاء ، يدفن فيها تسعة عشر رجلاً كلّهم من ولدي وولد فاطمة ( عليها السلام ) ، وإنّها لفي السماوات معروفة تذكر أرض كرب وبلاء ، كما تذكر بقعة الحرمين وبقعة بيت المقدس.
ثمّ قال : يا بن عباس أطلب لي حولها بعر الظباء ، فوالله ما كذبت ولا كذبني قط ، وهي مصفرة لونها لون الزعفران.
فقال ابن عباس : فطلبتها فوجدتها مجتمعة ، فناديته يا أمير المؤمنين قد أصبتها على الصفة الّتي وصفتها لي.
فقال ( عليه السلام ) : صدق الله ورسوله ، ثمّ قام يهرول إليها ، فحملها وشمها ، وقال : هي هي بعينها ، أتعلم يا بن عباس ما هذه البعر؟ ـ ثمّ حدثه بحديثها إلى أن قال ابن عباس : ثمّ بكى بكاءً طويلاً ، وبكينا معه ، حتى سقط لوجهه وغشي عليه طويلاً ، ثمّ أفاق فأخذ البعر فصرّها في ردائه ، وأمرني أن أصرّها كذلك ثمّ قال : يا بن عباس إذا رأيتها تنفجر دماً عبيطاً ، فاعلم أنّ أبا عبد الله قد قتل بها ودفن.
قال ابن عباس : فوالله لقد كنت أحفظها أشد حفظي ، لما افترض الله عليَّ ...
والله ما كذبني عليّ قط في حديث حدثني ، ولا أخبرني بشيء قط أنّه يكون إلاّ كان كذلك ، لأنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كان يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره ... » (١).
____________________
(١) اكمال الدين وإتمام النعمة في المجلس / ٨٧ بتقديمي ط الحيدرية ، وقارن ص٢٨٤ الخرايج والجرايح للراوندي المطبوع منضماً إلى الأربعين للمجلسي وكفاية الأثر للخزاز ط حجرية ، والدر النظيم في باب مقتل الحسين ( عليه السلام ) ( مخطوط ).