٢ ـ وممّا ورد أيضاً كذلك ممّا لا يقبل ، بل ولا يعقل ممّا ورد عن الفوادح الحسينية ، وكما في أسرار الشهادة قال : « فالتفت الحسين ( عليه السلام ) إلى ابن عباس فقال له : ما تقول في قوم أخرجوا ابن بنت نبيّه من وطنه وداره وقراره وحرم جده ، وتركوه خائفاً مرعوباً لا يستقر في قرار ، ولا يأوي إلى جوار ، يريدون بذلك قتله وسفك دمائه ، لم يشرك بالله شيئاً قال له ابن عباس : جعلت فداك يا حسين إن كان لا بدّ من السير إلى الكوفة فلا تسر بأهلك ونسائك.
فقال : يا بن العم إنّي رأيت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في منامي وقد أمر بأمر لا أقدر على خلافه ، وإنّه أمرني بأخذهم معي.
وقال : يا بن العم إنّهنّ ودائع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ولا آمن عليهنّ أحداً ، وهنّ أيضاً لا يفارقنني.
فسمع ابن عباس بكاء من ورائه وقائلة تقول يا بن عباس تشير على شيخنا وسيدنا أن يخلفنا ها هنا ويمضي وحده ، لا والله بل نحيى معه ونموت معه ، وهل أبقى الزمان لنا غيره. فبكى ابن عباس بكاءً شديداً وجعل يقول : يعزّ والله عليَّ فراقك يا بن العم ، ثمّ أقبل على الحسين وأشار عليه بالرجوع إلى مكة والدخول في صلح بني أمية (!؟!؟!؟)
فقال الحسين : هيهات هيهات يا بن عباس إنّ القوم لن يتركوني وانهم يطلبونني أين كنت حتى أبايعهم كرهاً ويقتلونني ، والله لو كنت في جحر هامة من هوام الأرض لاستخرجوني منه وقتلوني ، والله إنّهم ليعتدون عليَّ كما اعتدت اليهود في يوم السبت وإنّي ماض في أمر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) حيث أمرني ، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون » (١).
____________________
(١) أسرار الشهادة / ٢٢٧ ط حجرية سنة ١٣١٩ هـ.