وهي كما في طبقات ابن سعد بسنده عن عمّار بن أبي عمّار ـ والسند إليه حسن ـ عن ابن عباس قال : « رأيت النبيّ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم فيما يرى النائم بنصف النهار ، وهو قائم أشعث أغبر ، بيده قارورة فيها دم ، فقلت بأبي وأمي ما هذا؟ قال : دم الحسين وأصحابه ، أنا منذ اليوم التقطته. قال ـ والقائل هو عمّار ابن أبي عمّار ـ فأحصي ذلك اليوم فوجدوه قتل في ذلك اليوم ».
وفي لفظ الإربلي وكشف الغمة : « معه قارورتان فيهما دم ... » (١).
وفي نص آخر : « فما لبثوا إلاّ أربعة وعشرين يوماً حتى جاءهم الخبر بالمدينة : أنّه قتل في ذلك اليوم وتلك الساعة » (٢).
ولمّا انتبه ابن عباس من نومه فزعاً مرعوباً أخذ يسترجع مكرراً ، فسئل عن سبب استرجاعه فحدّثهم بالرؤيا المحزنة ، وقد فزع ابن عباس إلى ما اختزنه من أبعار الظباء الّتي كان قد صرّها في طرف كمّه محافظاً عليها أشد الحفظ ، فرآها قد انبجست هي الأخرى بدم سال منها ، فعظم حزنه وكثر بكاؤه.
ولقد حدّث سليم بن قيس التابعي الجليل عن حال ابن عباس وبكائه بعد شهادة الحسين ( عليه السلام ) وما سمعه منه ممّا يعبّر عن مشاعره وسخطه ، وبالتالي فهو حديث يمكن أن نعتبره مشعل ثورة ، كما هو بثّ فكرة عن طريق العَبرة في رثاء العترة.
قال سليم بن قيس : « لمّا قتل الحسين بن عليّ ( عليه السلام ) بكى ابن عباس بكاءً شديداً ثمّ قال : ما لقيت هذه الأمة بعد نبيها ، اللّهمّ إنّي أشهدك أنّي لعليّ بن أبي
____________________
/ ١٩٢ ط حجرية ، مرآة الجنان لليافعي ١ / ١٣٤ ، الملاحم والفتن لابن طاووس / ١٢٧ ط الحيدرية.
(١) كشف الغمة ١ / ٥٩٧ ط الشريف الرضي بقم.
(٢) نفس المصدر.