الأشياء فلن أنس برّك وصلتك وحسن جائزتك الّتي أنت أهلها ، في الطاعة والشرف والقرابة لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فانظر مَن قبلك من قومك ومن يطرأ عليك من أهل الآفاق ممّن يسحره ابن الزبير بلسانه وزخرف قوله ، فخذّلهم عنه ، فإنّهم لك أطوع ، ومنك أسمع منهم للملحد والخارق المارق والسلام.
فكتب ابن عباس إليه : أمّا بعد فقد جاءني كتابك تذكر فيه دعاء ابن الزبير إياي للذي دعاني إليه ، وإنّي امتنعت عليه معرفة لحقك ، فإن يكن ذلك كذلك فلست برّك أرجو بذلك ولكن الله بما أنوي به عليم.
وكتبت إليّ أن أحثّ الناس عليك وأجذبهم عن ابن الزبير فلا ، ولا سروراً ولا حبوراً ، بفيك الكثكث (١) ولك الأثلب (٢) إنك العازب إن منّتك نفسك ، وانك لأنت المفقود المثبور.
وكتبت إليَّ بتعجيل بري وصلتي ، فاحبس أيها الإنسان عني برّك وصلتك ، فإنّي حابس عنك ودي ونصرتي. ولعمري ما تعطينا ممّا في يدك لنا إلاّ القليل ، وتحبس منه الطويل العريض لا أباً لك.
أتراني أنسى قتلك حسيناً وفتيان بني عبد المطلب ، مصابيح الدجى ونجوم الأعلام ، وغادرتهم خيولك بأمرك ، فأصبحوا مصرّعين في صعيد واحد ، مزمّلين بالدماء ، مسلوبين بالعراء ، لا مكفّنين ولا موسّدين ، تسفيهم الرياح ، وتغزوهم الذئاب ، وتنتابهم عوج الضباع ، حتى أتاح الله لهم قوماً لم يشركوا في دمائهم فكفنوهم وأجنّوهم.
وبهم والله وبي منّ الله عليك فجلست في مجلسك الّذي أنت فيه.
____________________
(١) صغار الحجارة والتراب.
(٢) الحصى والحجر.