ولسنا في مقام الردّ عليهما ، يكفينا بيان عدم أهليته للخلافة قول ابن عبد البر في ترجمته في الاستيعاب قال : « ... إلاّ أنّه كانت في ابن الزبير خلال لا تصلح معها الخلافة ، لأنّه كان بخيلاً ضيّق العطن سيء الخلق حسوداً كثير الخلاف أخرج محمّد بن الحنفية ونفى عبد الله بن عباس إلى الطائف » (١).
والأنكى من ذلك أنّه كان يتطلب الخلافة في مبايعته بني هاشم له ، ويتطلب بيعة ابن عباس وابن الحنفية بشتى وسائل الترهيب مع ما يكنّه لهما من بغض وحقد دفين منذ يوم الجمل ، وهو بذلك الهوى والهوس صار يتعرّض لهم بالأذى ، وقد مرّت بنا مطالبته ابن عباس بالبيعة فامتنع عليه ، وبلغ ذلك يزيد بن معاوية فكتب إلى ابن عباس يستميله ويخادعه ، فأجابه بكتابه الّذي ذكرناه آنفاً ، ومع ذلك الحال فقد كان ابن عباس يدفع عنه شرّ الأمويين ما استطاع بقدر ما يسمح له الدين حفاظاً على حرمة البيت الحرام.
فقد روى البلاذري في أنسابه : « انّ عمرو بن سعيد الأشدق قدم المدينة والياً عليها وحج في تلك السنة في جماعة من مواليه وهو خائف من ابن الزبير ، وكان يزيد قد ولاه الموسم ، فأتاه ابن الزبير فسكن لذلك. وأتى عمرو ابن عباس فشكا ابن الزبير ، فقال : عليكم بالرفق ، فإن له قرابة وحقاً » (٢).
وأخرج الطبري في تفسيره بسنده عن عطاء قال : « أخذ ابن الزبير سعداً مولى معاوية ـ وكان في قلعة بالطائف ـ فأرسل إلى ابن عباس مَن يشاوره فيه فإنهم لنا عين ـ عدو ـ فأرسل إليه ابن عباس : لو وجدتُ قاتل أبي لم أعرض له.
____________________
(١) الاستيعاب ٣ / ٩٠٦ تح ـ البجاوي ، وط حيدرآباد ١ / ٣٥٣.
(٢) أنساب الأشراف ١ ق ٤ / ٣٠٩ تح ـ احسان عباس.