« فبلغ الخبر عبد الله بن العباس ، فخرج مغضباً ومعه ابنه حتى أتى المسجد فقصد قصد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ثمّ قال : أيها الناس إنّ ابن الزبير يزعم أن لا أوّل لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ولا آخر فيا عجباً كلَ العجَبَ لافترائه ولكذبه! والله إنّ أوّل من أخذ الإيلاف وحمى عيران قريش لَهاشم.
وإنّ أوّل من سقى بمكة عذبا وجعل باب الكعبة ذَهَبا لَعبد المطلب.
والله لقد نشأت ناشئتنا مع ناشئة قريش وإن كنا لقالتهم إذا قالوا ، وخطباءهم إذا خطبوا ، وما عُدّ مجد كمجد أولنا ، ولا كان في قريش مجدٌ لغيرنا ، لأنّها في كفر ماحق ، ودين فاسق ، وضلّة وضلالة ، في عشواء عمياء ، حتى اختار الله تعالى لها نوراً ، وبعث لها سراجاً ، فانتجبه طيّبا من طيّبين ، لا يسبّه بمسّبة ، ولا يبغي غائلة فكان أحدنا وولدنا وعمنا وابن عمنا ، ثمّ إنّ أسبق السابقين إليه منا وابن عمنا ، ثمّ تلاه في السَبق أهلنا ولحمتنا واحداً بعد واحد.
ثمّ إنّا لخير الناس بعده وأكرمهم أدباً ، وأشرفهم حسباً ، وأقربهم منه رحماً.
واعجباً كلّ العجب لابن الزبير! يعيب بني هاشم ، وإنّما شرف هو وأبوه وجده بمصاهرتهم ، أما والله إنّه لمصلوب قريش ، ومتى كان العوام بن خويلد يطمع في صفية بنت عبد المطلب؟؟
قيل للبغل : من أبوك يا بغل؟ فقال : خالي الفرس. ثمّ نزل » (١).
وذكر المبرّد في الكامل آخر الخطبة فقال : « وقال عبد الله بن العباس في كلام يجيب به ابن الزبير : والله إنّه لمصلوب قريش (٢) ومتى كان عوّام بن
____________________
(١) شرح النهج ٤ / ٤٨٩ ط مصر الأولى و ٢٠ / ١٢٨ ط محققة.
(٢) ان هذه الكلمة سبق أن قالها الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في ابن الزبير كما مر ذكرها في مواقف ابن الزبير العدائية ، فلا غرابة لو قالها ابن عباس ، وهو قد سمعها من ابن عمه باب مدينة العلم ، وقد يستغربها من لا معرفة له بان الإمام كان عنده سبعون عهداً من