من المدلسين (١) وقد اختلط في سنة ١٩٧ بشهادة القطان وقال : اشهدوا انّ سفيان بن عيينة اختلط سنة ١٩٧ فمن سمع منه في هذه السنة وبعدها فسماعه لا شيء (٢) فما يدرينا أن يكون الخبر سُمع منه في فترة الاختلاط؟
وأمّا استبطانها الكذب فإنّ جميع ما رواه لابن أبي مليكة على لسان ابن عباس من المؤهلات فقد كانت موجودة فيه وفي محمّد بن الحنفية بصورة أتم وأكمل وأعلا وأجل ، فلماذا لم يدع الناس إلى نفسه أو إلى ابن عمه محمّد بن الحنفية؟ ما دامت المؤهلات لدى ابن الزبير هي شرف الانتساب إلى النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) عن طريق الرجال والنساء بينما كان ابن عباس ومحمّد بن الحنفية أقرب قربى وأشد لصوقاً بالنبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لأنّهم من آله الّذين حرمت عليهم الصدقة ، ومن أهله الّذين وجبت على الناس مودتهم ، وهما في غنى عن نسبة الرجال والنساء المذكورين في خبر ابن أبي مليكة. وقد مرّت بنا شواهد قال فيها ابن عباس لابن الزبير أقوالاً تكذب خبر ابن أبي مليكة ، فقد نافره مرة أمام أهله وقد مر ذكر المنافرة في الشاهد الرابع ، وكذلك ما مرّ في بقية الشواهد وابن عباس في جميعها يقدح في ابن الزبير ويجرّده من كلّ شرف وفضيلة ، إلاّ شرف وفضيلة خؤلتهم لأبيه الزبير ، وقد سخر منه حين ضرب فيه المثل : قيل للبغل من أبوك فقال : خالي الفرس.
فكيف يمكن تصديق ابن أبي مليكة في زعمه أنّه سمع ابن عباس قال في ابن الزبير تلك المؤهلات؟ ونحن نعلم يقيناً رأي ابن عباس في مسألة
____________________
(١) أنظر طبقات المدلسين. وفي قبول الأخبار ومعرفة الرجال لأبي القاسم الكعبي ٢ / ٢٩٨ ذكر الكرابيسي انّه مدلس وفي الهامش حكى قول الذهبي فيه : انّه كان مشهوراً بالتدليس عمد إلى أحاديث رفعت إليه من حديث الزهري فيحذف اسم من حدّثه ويدلّسها ، إلاّ أنّه لا يدلس إلاّ عن ثقة.
(٢) تهذيب التهذيب لابن حجر ٤ / ١٢٠ ترجمة سفيان بن عيينة.