ويموت من السنّة ما هو في مقابلتها حسبما جاء عن السلف في ذلك ، فعن ابن عباس قال : ما يأتي على الناس من عام إلاّ أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنّة ، حتى تحيى البدعة وتموت السنن » (١).
وكأنّ فعل عمر وقوله في التحريق لبيت عليّ وفاطمة ( عليهما السلام ) صار سنة يقتدى بها ، أمّا وقوف النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) على باب ذلك البيت وتلاوته ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٢) طيلة تسعة أشهر ، فيعرض عنه ، مع أنّ فعله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وقوله حجة ملزمة للمسلمين ، وسنّة تفرض المودّة والولاء ، لكن المسلمين أعرضوا عن تلك السنّة ، والتزموا سنّة عمر عملياً واحتجوا بها كما فعل أبناء الزبير.
ورحم الله ابن عباس الّذي وقف مجاهداً في سبيل إحياء السنّة وإماتة البدعة بشتى الوسائل المتاحة له يومئذ. فهو لم يبرح يحدّث الناس في ذلك.
فتارة يقول : « من أحدث رأياً ليس في كتاب الله ولم تمض به سنّة من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لم يدر على ما هو منه إذا لقي الله ( عزّ وجلّ ) » (٣).
وأخرى يقول لهم : « إنّما هو كتاب الله وسنّة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فمن قال بعد ذلك رأيه فلا أدري أفي حسناته يجد ذلك أم في سيئاته » (٤).
وثالثة ينكر على من يعارض ما بلغه من السنّة بقوله قال أبو بكر وعمر ، ويقول : « يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وتقولون : قال أبو بكر وعمر » (٥).
____________________
(١) الاعتصام ١ / ٢١٣.
(٢) الأحزاب / ٣٣.
(٣) أعلام الموقعين ١ / ٤٨ ط المنيرية.
(٤) نفس المصدر.
(٥) نفس المصدر ٢ / ١٧١.