قال : فنقرأه ولا نسأل عمّا عنى الله به؟ قال : نعم.
قال : فأيّما أوجب علينا قراءته أو العمل به؟ قال معاوية : العمل به.
قال : فكيف نعمل به حتى نعلم ما عنى الله بما أنزل علينا؟
قال : سل عن ذلك من يتأوله على غير ما تتأوله أنت وأهل بيتك.
قال : إنّما أُنزل القرآن على أهل بيتي فأسأل عنه آل أبي سفيان؟ أو أسأل عنه آل أبي معيط؟ أو اليهود والنصارى والمجوس؟
قال له معاوية : فقد عدلتنا بهم وصيّرتنا منهم!
قال له ابن عباس : لعمري ما أعدلك بهم ، غير أنك نهيتنا أن نعبد الله بالقرآن وبما فيه من أمر ونهي أو حلال أو حرام ، أو ناسخ أو منسوخ ، أو عام أو خاص ، أو محكم أو متشابه ، وإن لم تسأل الأمة عن ذلك هلكوا واختلفوا وتاهوا.
قال معاوية : فاقرؤ القرآن وتأولوه ، ولا ترووا شيئاً ممّا أنزل الله فيكم من تفسيره ، وما قاله رسول الله فيكم ، وارووا ما سوى ذلك.
قال ابن عباس : قال الله في القرآن : ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١).
قال معاوية : يا بن عباس اكفني نفسك ، وكفّ عني لسانك ، وإن كنت لا بد فاعلاً ، فليكن ذلك سراً ولا يسمعه أحد منك علانية. ثمّ رجع إلى منزله ، فبعث إليه بخمسين ألف درهم » (٢). وفي رواية : « ثمّ رجع إلى منزله فبعث إليه بمائة ألف درهم » (٣) وفي نسخة أخرى بمائتي ألف درهم.
____________________
(١) التوبة / ٣٢.
(٢) كتاب سليم بن قيس الهلالي ٢ / ٧٧٧ ـ ٧٨٢ ـ ٧٨٤ ط الهادي تح ـ الأنصاري.
(٣) بحار الأنوار ٣٣ / ١٧٩ عن سُليم ط بيروت دار إحياء التراث.