والحقّ بالشام ، فإنّ لبني أمية أُكُلاً لابدّ أن يستوفوه ، وهم وإن كانوا على ضلالتهم وعتوّهم أرأف بك وبأهلك من آل الزبير ، للرحم الّتي بينك وبينهم ، وتوقّ حركات بني عمك عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) وأوص بذلك ولدك ، فإنّ لهم حركات يُقتَل الشاخص فيها » (١).
وقيل : إنّه قال له : الحقّ بابن عمك عبد الملك فإنّه أقرب وأخلق بالإمارة ، ودع ابن الزبير ، فإنّي رأيته لا يعرف صديقه من عدوه ، ومن يكون كذلك لم يتم أمره ولم يَصفُ له ، إنّ عبد الملك مشى اليقدمية ، وابن الزبير مشى القهقري وتمثل :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا |
|
بنوهن أبناء الرجال الأباعد |
ثمّ قال له : يا بني إن أتيت الشام وخيّرك عبد الملك المنازل فانزل بالشراة فإنّ الملك إذا تحوّل من بني أمية تحوّل إلى رجل من أهل الشراة من أكثر أهل بيت في الناس ، وأنتم أولئك ....
ولا شك أنّ ابن عباس لم يكن ليقول ذلك من عنده ، إنّما تلقاه من لدن مدينة العلم ، أو من بابها ، وقد حدّثت هند بنت المهلب أنّ عكرمة أخبرها ـ وكان يدخل عليها كثيراً ويحدّثها ـ قال قال ابن عباس : لا يزال هذا الأمر في بني أمية ما لم يختلف بينهم رمحان ، فإذا اختلفوا خرجت منهم إلى يوم القيامة (٢). وله نحو هذا عدّة أقوال.
____________________
(١) مختصر تاريخ الخلفاء ط موسكو / ورقة ٢٤٢ ب.
(٢) كتاب الفتن لنعيم بن حماد ( نسخة مصورة ـ ميكروفلم ـ عن مكتبة المتحف البريطاني في لندن بمكتبتي ) ، والملاحم والفتن للسيد ابن طاووس / ١٣ نقلاً عن الفتن لنعيم بن حماد وعنه في كنز العمال ١٤ / ٨٧.