إذن لا مانع من تصديق أولئك الرواة الّذين رأوا دخول الطائر في أكفانه.
نعم يبقى التنبيه على أنّ الكشي كما في اختيار رجاله للطوسي روى بسنده عن أبي عبد الله ـ الصادق ـ ( عليه السلام ) : « انّ ابن عباس لمّا مات وأخرج ، خرج من كفنه طير أبيض يطير ، ينظرون إليه يطير نحو السماء حتى غاب عنهم ... » (١). فمضمون هذا الخبر مروي أيضاً مرسلاً في ذخائر العقبى قال : « ويروى أنّ طائراً أبيض خرج من قبره فتأولوه علمه خرج إلى الناس » (٢).
وقال الصفدي في النكت : « وروي أنّ طائراً أبيض خرج من قبره ، فتأولوه علمه خرج إلى الناس ويقال : بل دخل قبره طائر أبيض ، فقيل إنّه بصره بالتأويل. وقيل جاء طائر أبيض فدخل نعشه حين حمل فما رؤي خارجاً منه » (٣) ، وقال الذهبي بعد ذكره أخبار الرواة لقصة الطائر : « فهذه قصة متواترة » (٤).
ومهما يكن أمر التأويل فلا مانع من التصديق بأمر الطائر ، ما دام تجسّد العمل قد ثبت كتاباً وسنّة. قال سبحانه وتعالى : ( وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ) (٥) ، قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إنّ العمل الصالح يذهب إلى الجنة فيمهد لصاحبه كما يبعث الرجل غلامه فيفرش له ، ثمّ قرأ الآية ) (٦).
ولولا تجسد الأعمال يوم القيامة لما نُصبت الموازين يوم القيامة ، والله سبحانه تعالى يقول : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) (٧).
____________________
(١) اختيار معرفة الرجال ١ / ٥٧ تح ـ المصطفوي.
(٢) ذخائرالعقبى للمحب الطبري / ٢٣٧ ط القدسي.
(٣) نكت الهميان / ١٨٢ ط الجمالية بمصر سنة ١٣٢١ هـ.
(٤) سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٥٦ ط دار الفكر.
(٥) الروم / ٤٤.
(٦) أمالي المفيد / ١٠٤ ط الحيدرية ١٧١.
(٧) الأنبياء / ٤٧.