فلا غرابة في الأمر لو تولى ابن الحنفية أمر ابن عباس وتجهيزه بعد موته ، ومَن هو أولى منه بذلك شرعاً سوى أبناء عبد الله بن عباس لأنّهم الأقرب نسباً ، لأن أولى الناس بالميت أولاهم بميراثه. ولا مانع من أن يكونوا هم الّذين فوّضوا الأمر إلى زعيم الهاشميين وقد حضر عندهم ، أو أنّ ابن عباس أوصى إليه بذلك.
وروى أبو حمزة (١) وعمران بن أبي عطاء (٢) كلّ يقول : « شهدت ابن الحنفية صلّى على ابن عباس فكبّر عليه أربعاً ».
ولمّا كانت الصلاة على الجنائز هي خمس تكبيرات كما عليه اجماع الشيعة سلفاً وخلفاً تبعاً لإمامهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأبنائه الأئمّة الطاهرين ، وبه قال من الصحابة زيد بن أرقم (٣) وحذيفة (٤) ، وبه قالت الظاهرية (٥) إلاّ أنّ أصحاب المذاهب الأخرى قالوا : إنّ التكبيرات أربع ، وذكروا أنّ عمر هو الّذي جمع
____________________
(١) طبقات ابن سعد ترجمة ابن عباس / ٢٠٥ ، مستدرك الحاكم ٣ / ٥٤٤ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٥١٨.
(٢) المعجم الكبير للطبراني ١٠ / ٢٣٤.
(٣) صحيح مسلم ٣ / ٥٦ ط محمّد عليّ صبيح ، والسنن الكبرى للبيهقي ٤ / ٣٦ ، والاستذكار لابن عبد البر ٣ / ٣١ ط دار الكتب العلمية.
(٤) الانتصار للمرتضى / ٥٩ ط الحيدرية ، والاستذكار ٣ / ٣١.
(٥) المحلى لابن حزم ٤ / ١٢٥ ـ ١٢٦ ، وقال في / ١٢٧ بعد مناقشته لمن ادعى الإجماع على ان التكبير أربعاً قال أبو محمّد : أف لكل إجماع يخرج منه عليّ بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأنس بن مالك وابن عباس والصحابة بالشام ( رضي الله عنهم ) ثمّ التابعون بالشام وابن سيرين وجابر بن يزيد وغيرهم بأسانيد في غاية الصحة ، ويُدعى الإجماع بخلاف هؤلاء بأسانيد واهية ، فمن أجهل ممّن هذا سبيله؟ فمن أخسر صفقة ممّن يدخل في عقله أن إجماعاً عرفه أبو حنيفة ومالك والشافعي ، وخفي علمه على عليّ وابن مسعود وزيد بن أرقم وأنس بن مالك وابن عباس حتى خالفوا الإجماع؟ حاشا لله من هذا؟