ونقل الجاحظ في البيان والتبيين بعض كلام عليّ بن عبد الله بن عباس ممّا دلّ على حصافة رأي وبليغ منطق ، فقد ذكر أنّه قال : « من لم يجد مسّ الجهل في عقله ، وذلّ المعصية في قلبه ، ولم يستبن موضع الخلّة في لسانه عند كلال حدّه عن حدّ خصمه ، فليس ممّن ينزع عن ريبة ، ولا يرغب عن حالٍ معجزة ، ولا يكترث لفصل ما بين حجة وشبهة » (١).
ولعلي أخبار غير ذلك ربّما تزيّدها أو بعضها الرواة تزلّفاً إلى أبنائه خلفا ، بني العباس ، أعرضنا عن ذكرها.
٧ ـ سليط ، وهذا ذكره ابن حزم في الجمهرة وقال : « نفاه عبد الله بن العباس ثمّ استلحقه ثمّ اتهم أخوه عليّ بقتله ، فجلده الوليد بن عبد الملك لذلك مائة سوط ، وادعى أبو مسلم أنّه عبد الرحمن بن سليط هذا ابن عبد الله بن عباس ولا عقب لسليط » (٢).
لكن ابن الطقطقي في كتابه الفخري في الأداب لم يذكر استلحاق ابن عباس لسليط ، فقد قال : « ولسليط هذا خبر هذا موضع شرحه على سبيل الاختصار. كان لعبد الله بن عباس جارية فوقع عليها مرة من المرات ثمّ اعتزلها مدةً ، فاستنكحها عبداً فوطئها فولدت منه غلاماً سمته سليطاً ، ثمّ ألصقته بعبد الله بن العباس وأنكره عبد الله ولم يعترف به ، ونشأ سليط وهو أكره الخلق إلى عبد الله بن عباس ، فلمّا مات عبد الله نازع سليط ورثته في ميراثه ، وأعجب ذلك بني أمية ليغضّوا من عليّ بن عبد الله بن عباس ، فأعانوه وأوصوا قاضي دمشق في الباطن ، فمال إليه في الحكم وحكم له بالميراث ، وجرت في ذلك خطوب ليس هذا موضع لشرحها ، فادّعى أبو مسلم حين قويت شوكته أنّه من ولد سليط هذا » (٣).
____________________
(١) البيان والتبيين ١ / ٨٥.
(٢) جمهرة أنساب العرب / ١٩.
(٣) الفخري في الأداب السلطانية في الدول الإسلامية / ١٣٩ دار صادر بيروت.