ولا غرابة منهما فكلاهما أموي الهوى ، ولكن وهلم الخطب في الأساتذة الثلاثة المحققين للكتاب وهم أحمد أمين ، أحمد الزين ، إبراهيم الأبياري ، كيف انطلت عليهم هذه الأكذوبة ، فلم يتفطنوا ، انّ لبابة بنت عبد الله بن عباس لم تكن زوجة الوليد ، بل كانت زوجة عليّ بن عبد الله بن جعفر كما مرّ ، وإنّ ابن عباس لم يكن حياً أيام الوليد بن عبد الملك بل كان متوفياً ، لأنّه توفي سنة ٦٨ كما مرّ ، والوليد بن عبد الملك إنّما ولي الأمر في سنة ٨٦ بعد موت ابن عباس بثماني عشرة سنة؟!
ثمّ إنّ في الخبر فجوات وهنات غير ذلك ، فمنها أنّه لم يكن ليزيد ابنة اسمها فاطمة بل ولم يذكر له ابن عبد ربه أيّ بنت أخرى في ذكر أولاده ـ كما ستأتي الإشارة إلى ذلك ـ فمن أين أتى بها العتبي وذكرها ابن عبد ربه؟ ولابن عبد ربه في كتابه العقد الفريد من أعاجيب الأكاذيب ما يضحك منها صبيان الكتاتيب. فمن ذلك ما ذكره في أولاد يزيد فقال : « معاوية وخالد وابو سفيان وأمهم فاختة بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة ، وعبد الله وعمر وأمهما أم كلثوم بنت عبد الله بن عباس ... » (١). وهذا أيضاً من فاضح الكذب إذ لم يكن لابن عباس بنت أسمها أم كلثوم وإنّما له لبابة وأسماء وقد ذكرناهما وأزواجهما وذراريهما. وهذا أيضاً لم يتنبه له المحققون ، فزهٍ بهكذا محققين ، ولتعلّق الكنانة حافر الحمار عليها لئلا تصيبها عين اللاّمة والهامة من الحاسدين لها على هؤلاء المحققين وأمثالهم ممّن بسقوا بألقابهم ، ترى الفتيان كالنخل وما يدريك ما الدخل (٢) بل أحشفاً وسوء كيلة (٣).
____________________
(١) نفس المصدر ٤ / ٣٧٥.
(٢) الدخل العيب الباطن مثل يضرب لذي المنظر لاخبر عنده ( مجمع الأمثال ).
(٣) الحشف أردأ التمر ويضرب المثل لمن يجمع بين خصلتين ومكرهتين.