٣ ـ وله بنت نُعيت وهو في السفر فاسترجع ثمّ قال : عورة سترها الله ، ومؤنة كفاها الله ، وأجر ساقه الله. وأحسبها غير المتقدمتين الآنفتي الذكر (١).
ولقد كان حريصاً على تربيتهم تربية صالحة ، حتى هذّبهم على أخلاقه ، ولقنّهم من علومه ، فكلّ منهم أخذ على قدر استعداده ، ومن نماذج تربيته ما مرّ بنا انّه كان يرسل بولده عليّاً مع غلامه عكرمة يسمعا الحديث من أبي سعيد الخدري.
ومن الكذب الفظيع الفاضح ما رواه ابن عبد ربه في العقد الفريد عن العتبي قال : « كان عند الوليد بن عبد الملك أربع عقائل : لبابة بنت عبد الله بن عباس ، وفاطمة بنت يزيد بن معاوية وزينب بنت سعيد بن العاص ، واُم جحش بنت عبد الرحمن ابن الحارث ، فكنّ يجتمعنّ على مائدته ، ويفترقن فيفخرن. فاجتمعن يوماً فقالت لبابة : أما والله إنّك لتسوّيني بهن ، وإنّك تعرف فضلي عليهن.
وقالت بنت سعيد : ما كنت أرى أن للفخر عليَّ مجازاً ، وأنا ابنة ذي العمامة إذ لا عمامة غيرها. وقالت بنت عبد الرحمن بن الحارث : ما أحب بأبي بدلا ، ولو شئت لقلت فصدقت وصُدّقت. وكانت بنت يزيد بن معاوية جارية حديثة السنّ فلم تتكلم ، فتكلم عنها الوليد ، فقال : نطق من احتاج إلى نفسه ، وسكت من اكتفى بغيره ، أما والله لو شاءت لقالت : أنا ابنة قادتكم في الجاهلية وخلفائكم في الإسلام. فظهر الحديث حتى تحدّث به في مجلس ابن عباس فقال : الله أعلم حيث يجعل رسالته » (٢).
هذه الكذبة الشنعاء والفرية الصلعاء يرويها العتبي ويذكرها عنه ابن عبد ربه ، وكلاهما عندي في هذا المقام يستغفلان عقول الناس بمثل هذه الأكاذيب
____________________
(١) أنظر العقد الفريد ٣ / ١٩٦ تح ـ أحمد أمين ورفيقيه.
(٢) نفس المصدر ٦ / ١٠٤.