قالوا : فما أعددت لهم؟ قالت : خبزة تحت ملّتها انتظر بها أن يجيئوا ، قالوا لها فجودي لنا بنصفها؟
قالت : لا ولكن بها كلّها ، قالوا : ولم منعتِ النصف وجدتِ بها كلّها ، ولا خبز عندك غيرها؟
قالت : إنّ إعطاء الشطر من خبزة نقيصة ، فأنا أمنع ما ينقصني وأجود بما يرفعني.
فأخذ الوكيل والغلمان والخبزة لفرط حاجتهم إليها وانصرفوا ، ولم تسأل من هم ولا من أين جاؤا؟
فلمّا أتوا عبد الله وأخبروه خبر العجوز عجب من ذلك ، وقال : ارجعوا إليها فاحملوها في دعة وأحضروها.
فرجعوا إليها وقالوا لها : انّ صاحبنا أحبّ أن يراك ، قالت : ومن صاحبكم؟ قالوا : عبد الله بن العباس.
قالت : ما أعرف هذا الإسم ، قالوا : العباس بن عبد المطلب وهو عمّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ).
قالت : والله هذا الشرف العالي وذروته الرفيعة ، وماذا يريد مني؟
قالوا : يريد أن يكافئك على ما كان منك.
قالت : لقد أفسد الهاشمي ما أثلَ له ابن عمه ( عليه السلام ) ، والله لو كان ما فعلت معروفاً ما أخذت عليه ثواباً ، وإنّما هو شيء يجب على كلّ إنسان أن يفعله.
قالوا : فإنّه يحب أن يراك ويسمع كلامك.
قالت : أصير إليه ، لأنّي أحب أن أرى رجلاً من جناح النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وعضواً من أعضائه.