____________________
وانها مع عبيد الله بن عباس لكنه وهم فيما أراه ، لأنّه قد رواها بسنده عن مقسم مولى عبد الله بن عباس وعن غيره وفي هذا ما يصحح نقل المقيلي كما في المتن ، خصوصاً وفي الخبر حضور مقسم الحادثة ، وهو إنّما يكون عادة مع مولاه عبد الله ، وروايته : قالوا ـ مقسم وغيره ـ وفد عبيد الله بن العباس على معاوية ، فلمّا كان بعض الطريق أصابته السماء فأمّ أبياتاً من الشعر ، وإذا أعرابي قد قام إليه ـ فلمّا رأى هيئته وبهاءه ـ وكان من أحسن الناس شارة وأحسنهم هيئة ـ قال الاعرابي لامرأته : ان كان هذا من قريش فهو من بني هاشم ، وان كان من اليمن فهو من بني آكل المرار ـ فأنزله ، وذلك في الليل ، فقام الاعرابي إلى عنيزة له يذبحها ـ فجاذبته امرأته وقالت : أكل الدهر مالك وشرب ، ولم يبق لك ولبناتك إلاّ هذه العنيزة ، تضع درتها كمخة عرقوب ، ثمّ تريد أن تفجعهنّ بها. قال : والله لأذبحنّها ، فقالت : والله إذن لا يتركك بناتك ، قال : والله له الموت خير من اللؤم ثمّ قال : ـ وعبيد الله يسمع ـ
قـريـنـة لا تـوقـظـي بُـنيّة |
|
إن توقظيها تنتحب عـليـه |
وتنزع الشفرة من يديّـه |
|
أبـغـض بـهـذا وبـهـا إلـيـه |
ثمّ ذبح الشاة وجعل يقطع من أطايبها ويلقيه على النار ، ثمّ قرّبه إلى عبيد الله بن العباس ومن معه ، فجعل عبد الله ـ كذا ـ يأكل ويحدّثه في خلال ذلك بما يلهيه ويضحكه ، حتى إذا أصبح وأنجلت السحابة وهمّ بالرحيل ، قال لمقسم : كم معك من نفقتك؟ قال : خمسمائة دينار ، قال : ألقها إلى الشيخ ، قال : ما تريد إلاّ أن تسأل الناس في طريقك إن هذا يرضيه عُشر ما سميتَ ، وتأتي معاوية ولا تدري علام توافقه. قال : ويحك انا نزلنا على هذا وما يملك إلاّ هذه الشاة ، فخرج لنا من دنياه كلّها ، ونحن نعطيه بعض ما نملكه ، فهو أجود منّا قال : فألقاها إليه وارتحل ، فأتى معاوية فقضى حوائجه ، فلمّا انصرف ، قال لمقسم : انظر ما حال صاحبنا فعدل إليه ، فإذا إبل وشاء وحال حسنة ، فلمّا بصر الأعرابي بعبيد الله أكبّ على أطرافه يقبّلها ، ثمّ قال : بأبي أنت وأمي قد مدحتك ، ولا أدري والله من أي خلق أنت وأنشده :
تـوسّـمـته لما رأيت مهابـة |
|
عليه وقلت المرء من آل هـاشم |
وإلا فمن آل المرار فإنـهم |
|
مـلـوكوأبـنـاء المـلـوك الأكـارم |
فقال عبيد الله أصبت أنا من ولد هاشم ، وقد ولدني آكل المرار. فبلغ معاوية ذلك ، فقال : لله در عبيد الله من أيّ بيضة خرج وفي أي عشّ درج ، هذه والله من فعال عبيد الله معلّم الجود وهو والله كما قال الحطيئة :
أولئكقوم إنبنوا أحـسـنـوا الـبـنـا |
|
وإن عاهدوا وفـوا وإن عقدوا شدّوا |
وإن كانت النـعمـاء فيهم جزوا بها |
|
وإنأـعـمـوالاكـدّروهـا ولا كـدّوا |