٤ ـ مع حسان :
روى أبو الفرج في الأغاني بسنده عن سعيد بن جبير قال : « كنا عند ابن عباس فجاء حسان فقالوا قد جاء اللعين ، فقال ابن عباس : ما هو بلعين لقد نصر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بلسانه ويده.
وفي رواية ثانية : انّه جاء رجل إلى ابن عباس فقال : قد جاء اللعين حسان من الشام.
فقال ابن عباس : ما هو بلعين لقد جاهد مع رسول الله بلسانه ونفسه » (١).
أقول : وفي النفس من هاتين الروايتين شيء يمنع من قبولهما ، وذلك هو دفاع ابن عباس عن حسان بأنه نصر أو جاهد بلسانه ويده أو نفسه ، إذ لا شك في جهاده ونصرته بلسانه ، ولكن جهاده بيده أو نفسه فليس كذلك ، إذ لم يذكر في تاريخه مرة واحدة انّه باشر حرباً مع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ولا أدلّ على جبنه من قصته يوم الخندق حيث جعله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) مع النساء في الأطم ، ولمّا أتى يهودي محاولاً الصعود إلى من فيه ، ندبته صفية بنت عبد المطلب لينزل إليه فيقتله ، امتنع ، فنزلت إليه بنفسها وقتلته ، ثمّ صعدت فقالت لحسان في سلبه ، فأبى خوفاً وفرّقا كما صرّح هو بذلك عن نفسه ، والقصة مشهورة إذن ، فلا يعقل أن يكون ابن عباس لم يعلم بها فكيف يصفه بأنه جاهد بيده ونفسه؟
٥ ـ من كلام النبوة :
روى ابن قتيبة في عيون الأخبار بسنده عن طاووس عن ابن عباس قال : « إنّها كلمة نبيّ :
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً |
|
ويأتيك بالأخبار من لم تُزوّد » (٢) |
____________________
(١) نفس المصدر ٩ / ١٥٥ ط الساسي.
(٢) عيون الأخبار ٢ / ١٩١.