وما بدونه الّذي يقول :
ولستَ بمستبقٍ أخاً لا تلمّه |
|
على شَعثٍ أي الرجال المهذّبِ |
ولكن الضراعة أفسدتهما كما أفسدت جرولاً ـ يعني نفسه ـ والله يا بن عم رسول الله لولا الطمع والجشع لكنت أشعر الناس الماضين ، فأمّا الباقون فلا تشكك أنّي أشعرهم وأصردهم سهماً إذا رميت » (١).
٣ ـ مع زهير :
لقد مرّ بنا في الجزء الثاني في عهد عمر صورة من رجوعه إلى ابن عباس في معرفة أشعر الناس فأجابه وكان ذلك هو زهير بن أبي سلمى ، كما مرّ بنا أيضاً في الجزء الرابع صورة لنفس السؤال سأله اياه رجل في شهر رمضان بالبصرة ، فلم يجبه وأحال في الجواب على أبي الأسود الدؤلي ، وقد رواه أبو الفرج في الأغاني فقال : « قام رجل إلى ابن عباس فقال : أي الناس أشعر؟ فقال ابن عباس : أخبره يا أبا الأسود ، فقال : الّذي يقول :
وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع |
|
فإنّك كالليل الّذي هو مدركي |
وهذا من شعر النابغة الذبياني. ولم يرو أنّ ابن عباس ردّ عليه رأيه أو ناقشه ، وقد يتخيل تبدّل رأيه فيمن هو أشعر الناس ، ولكن فيما أرى ليس كذلك ، بل إنّما سكت تحرّجاً وكراهية الخوض في الشعر في شهر رمضان ، لذلك فلم يجب السائل أوّلاً ، ولم يعقّب على رأي أبي الأسود ثانياً. إعظاماً لحرمة ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان ) (٢) » (٣).
____________________
(١) الأغاني ٢ / ٥٥ ط بولاق.
(٢) البقرة / ١٨٥.
(٣) الأغاني ٢ / ٥٥ ط بولاق.