قال : لا يصلح الهجاء ، لأنّه لابدّ لك من أن تهجو غيره من عشيرته ، فتظلم من لم يظلمك ، وتشتم من لم يشتمك ، وتبغي على من لم يبغ عليك ، والبغي مرتع وخيم ، وفي الصفح ما قد علمت من الفضل.
قال : صدقت وبررت ، فلم ينشب أن أقبل عبد الرحمن بن سيحان المحاربي حليف قريش ، فلمّا رأى الأعرابي أجلّه وأعظمه وألطف في مسألته ، وقال : قرّب الله دارك يا أبا مليكة.
فقال ابن عباس : أجرول؟ ـ وهو اسم الحطيئة ـ قال : جرول ، فإذا هو الحطيئة.
فقال ابن عباس : لله أنت أي مردي قذائف وذائد عن عشيرته ومن بعارفة تؤتاها أنت يا أبا مليكة! والله لو كنت عركت بجنبك بعض ما كرهت من امر الزبرقان كان خيراً لك ، ولقد ظلمت من قومه من لم يظلمك وشتمت من لم يشتمك.
قال : اني والله بهم يا أبا العباس لعالم. قال : ما أنت بأعلم بهم من غيرك.
قال : بلى والله يرحمك الله ، ثمّ أنشأ يقول :
أنا ابن بجدتهم علماً وتجربة |
|
فسل بسعد تجدني أعلم الناس |
سعد بن زيد كثير إن عددتهم |
|
ورأس سعد بن زيد آل شمّاس |
والزبرقان ذناباهم وشرّهم |
|
ليس الذنابى أبا العباس كالرأس |
فقال ابن عباس : أقسمت عليك أن تقول خيراً. قال : أفعل.
ثمّ قال ابن عباس يا أبا مليكة من أشعر الناس؟ قال : أمن الماضين أم من الباقين؟
قال : من الماضين. قال الّذي يقول :
ومن يجعل المعروف من دون عرضه |
|
يفره ومن لا يتق الشتم يشتم |