ساحراً وصنبوراً (١) ولقول القائل تلقفوها يا بني أمية تلقّف الكرة لا بعث ولا نشور ، وتغنموا نسيم هذا الروح فما بعده أوبة ولا كرور ، وكان لعمر الله القطب الّذي عليه رحى الضلالة تدور.
فغضب معاوية وقال : يا بن عباس اربع على نفسك ، ولا تقس يومك بأمسك ، هيهات صرّح الحقّ عن محضه ، وزلق الباطل عن دحضه ، أمّا إذا أبيت فأنا كنت أحق بالأمر من ابن عمك.
قال ابن عباس : ولم ذاك ، وعليّ كان مؤمناً وكنت كافراً ، وكان مهاجراً وكنت طليقاً.
قال : لا ولكني ابن عم عثمان.
قال : فإنّ ابن عم رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم خير من ابن عم عثمان.
قال معاوية : إنّ عثمان كان خيراً من عليّ وأطيب.
قال ابن عباس : كلا ، عليّ أزكى منه وأطهر ، وأعرف في ملكوت السموات وأشهر ، أتقرن يا معاوية رجلاً غاب عن بدر ولم يشهد بيعة الرضوان ، وفرّ يوم التقى الجمعان ، ابن مخنّث قريش ، الّذي لم يسلّ سيفاً ، ولم يدفع عن نفسه ضيماً ، إلى قريع العرب وفارسها ، وسيف النبوّة وحارسها ، أكثرها علماً ، وأقدمها سلماً ، إذن قسمة ضيزى أبا عبد الرحمن.
قال معاوية : إنّ عثمان قتل مظلوماً.
قال ابن عباس : فكان ماذا؟ فهذا إذن أحقّ بها منك ، قتل أبوه قبل عثمان ـ يعني ابن عمر ـ
____________________
(١) الصنبور : الرجل الضعيف الذليل بلا أهل ولا عقب ولا ناصر ، وكان كفار قريش يقولون محمّد صنبور. انظر لسان العرب وتاج العروس مادة ( صنبر ).