قال معاوية : ان هذا قتله مشرك ، وعثمان قتله المؤمنون.
قال ابن عباس : فذلك أضعف لقولك ، وأدحض لحجتك ، ليس من قتله المشركون كمن نحره المؤمنون.
فقال معاوية : ترى يا بن عباس أن تصرف غَربَ لسانك وحدة نبالك ، إلى من دفعكم عن سلطان النبوة ، وألبسكم ثوب المذلة ، وابتزكم سربال الكرامة ، وصيّركم تبعاً للأذناب بعد ما كنتم عز هاماتٍ لسادات ، وتدع أمية ، فإنّ خيرها لك حاضر ، وشرها عنك غائب.
قال ابن عباس : أمّا تيم وعدي فقد سلبونا سلطان نبيّنا صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ، عدواً علينا فظلمونا ، وشفوا صدور أعداء النبوّة منا ، وأمّا بنو أمية فإنهم شتموا أحياءنا ولعنوا موتانا ، وجاوزوا حقوقنا ، واجتمعوا على إخماد ذكرنا وإطفاء نورنا ، فيأبى الله لذكرنا إلاّ علوّا ، ولنورنا إلاّ ضياء ، والله للفريقين بالمرصاد.
قال معاوية : ما نرى لكم علينا من فضل ، ألسنا فروع دوحة يجمعنا عبد مناف؟
قال ابن عباس : هيهات يا معاوية ، حدت عن الصواب ، وتركت الجواب ، بيننا وبينكم برزخ وحجاب ، أنتم الحثالة ونحن اللباب ، ولشتان ما بين العبد والأرباب ، أتجعل أمية كهاشم؟ إن هاشماً كان صميماً كريماً ولم يكن لئيماً ولا زنيماً ، أوّل من هشم الثريد وسنّ الرحلتين وله يقول القائل :
عمروا الّذي هشم الثـريد لقومه |
|
ورجـال مـكـة مسنتون عجافِ |