سفرَين سنّهما له ولقومِه |
|
سفر الشتاء ورحلة الأصياف » (١) |
وفي هذه المحاورة ـ إن صحت ـ قرأنا خصومة أشبه بالمناظرة والمفاخرة ، فكلٌّ من ابن عباس ومعاوية يردّ على الآخر بعنف وشدة ويذكر مفاخر قومه وآبائه ، ومن الطبيعي أن تكون الغلبة لابن عباس في ذكرها. لكن معاوية الحاقد يحاول انكار ذلك الفضل بحجة أنّ الجميع يجمعهم عبد مناف. فذكر ابن عباس له من الفروق بينهما ما أسكته ودحض حجته. ولم يكن معاوية في قرارة نفسه لا يعرف ذلك ، لكنه الحسد ودفائن الأضغان ، ولم يكن أحد يقوى على رده وهو في عنفوان سلطانه إلاّ أهل البيت ، وفي مقدمتهم الإمام الحسن والإمام الحسين ثمّ عبد الله بن عباس ، وهو أكثر بني هاشم إصابة في عدوه ، وأقوى حجة في دفع خصومه ، وسيأتي في صفحات احتجاجاته في الحلقة الثالثة ما يغني ويقني إن شاء الله تعالى.
ومع هذا كلّه نجد البلاذري في أنسابه روى انّ ابن عباس قال : « لله درّ ابن هند ولَينا عشرين سنة فما آذانا على ظهر منبر ولا بساط ، صيانة منه لعرضه وأعراضنا ، ولقد كان يحسن صلتنا ويقضي حوائجنا » (٢)!.
وما أدري كيف استساغ الراوي أن يذكر ذلك منسوباً إلى ابن عباس ومحاوراته مع معاوية تنبئ بخلاف ذلك.
ونتحف القارئ بذكر محاورة أخرى ورد ذكرها في تاريخ اليعقوبي (٣) وأخبار الدولة العباسية (٤) نعرف منها مدى الحقد المتأصل في نفس معاوية على
____________________
(١) أخبار الدولة العباسية / ٤٧ تح ـ الدكتور الدوري والمطلبي ط دار صادر بيروت سنة ١٩٧١.
(٢) أنساب الأشراف ١ق٤ / ٨٣ تح ـ احسان عباس.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٩٩ ـ ٢٠٠.
(٤) أخبار الدولة العباسية / ٥٠.