إلاّ أنا سنذكره الآن برواية أبي نعيم في كتابه ذكر أخبار اصبهان : فقد روى بسنده عن عطاء عن ابن عباس أنّه كان معتكفاً ودخل عليه رجل فسلّم عليه ، فقال له ابن عباس : أراك حزيناً كئيباً؟ قال : نعم يا بن عم رسول الله ، لفلان عليَّ حقّ ، لا وحرمة صاحب هذا القبر ما أقدر عليه. قال : أولا اُكلّمه لك؟ قال : إن أحببت ، قال : فانتعل ابن عباس وخرج من المسجد ، وقال له الرجل : أنسيت ما كنتَ فيه؟ قال : لا ولكن سمعت صاحب هذا القبر والعهد به قريب ـ يقول : ( من مشى في حاجة أخيه وبلغ فيها كان أفضل من اعتكاف عشر سنين ، ومن اعتكف ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق أبعد ممّا بين الخافقين ) (١).
كما روى البيهقي أيضاً في شعب الإيمان عن محمّد بن عطاء قال : « دخل ابن عباس حجرة خالته ميمونة بعد الجمعة فجاء سائل فقام على الباب فقال : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته وصلواته ومغفرته ، فقال ابن عباس : انتهوا بالتحية إلى ما قال الله ( عزّ وجلّ ) : ( و ) ( رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ) (٢).
ثمّ قال ابن عباس : ما آسي على شيء فاتني من الدنيا إلاّ أني لم أحج ماشياً حتى أدركني الكبر ، أسمع الله تعالى يقول : ( يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ ) (٣) » (٤).
وقد أخرج الطبراني في معجمه عنه قوله لبنيه : « يا بني أخرجوا من مكة حاجين مشاة فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم يقول : ( إنّ
____________________
(١) ذكر أخبار اصبهان لأبي نعيم ٢ / ٨٩ ط أفست عن ليدن.
(٢) هود / ٧٣.
(٣) الحج / ٢٧.
(٤) شعب الإيمان ٢ / ورقة ٣٠ / أ.