وأمّا قولك إنّ أبي كان خلاً لأبيك فقد كان ذلك كذلك ، وقد علمت ما كان من أبي إليه يوم فتح مكة ، وكان شاكراً كريماً ، وقد سبق فيه قول الأوّل :
سأحفظ من آخى أبي في حياته |
|
وأحفظه من بعده في الأقارب |
ولست لمن لا يحفظ العهد واقعاً |
|
ولا هو عند النائبات بصاحبي |
وأمّا ما ذكرت أني لسان قريش وزعيمها وفقيهها ، فإنّي لم أعط من ذلك شيئاً إلاّ وقد أوتيته ، غير انّك قد أبيت بشرفك وكرمك إلاّ أن تفضّلني وقد سبق في ذلك قول الأوّل :
وكلّ كريم للكرام مفضّلٌ |
|
يراه له أهلاً وإن كان فاضلا |
وأمّا ما ذكرت من عدوي عليك بصفين فوالله لو لم أفعل ذلك لكنت من شر الأم العالمين. أكانت نفسك تحدثك يا معاوية إنّي كنت أخذل سيدي وابن عمي أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وقد حشد له المهاجرون والأنصار والمصطفون الاخيار؟ ولِم يا معاوية أشكاً في ديني؟ أم جبناً؟ أم حيرة في سجيتي؟ أم ضناً بنفسي؟ والله إن لو فعلت ذلك لاختبأته فيَّ وعاتبتني عليه.
وأمّا ما ذكرت من خذلان عثمان ، فقد خذله مَن كان أمسّ رحماً به مني ، وأبعد رجاءً مني ، ولي فيه الأقربين والأبعدين أسوة ، وإنّي لم أعد عليه فيمن عدا ، بل كففت عنه كما كفّ أهل المروءات والحجى.