وأمّا ما ذكرت من سعيي على عائشة ، فإن الله تبارك وتعالى أمرها أن تقرّ في بيتها وتحتجب في سترها ، فلمّا عصت ربّها ، كشفت جلباب الحياء ، وخالفت نبيّها ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وسعنا ما كان منّا إليها.
وأمّا ما ذكرت من نفيي زياداً فإني لم أنفه بل نفاه رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إذ قال : ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) وإنّي من بعد هذا لأحب ما يراك في جميع أمورك » (١).
أقول : إلى هنا أخرج المحاورة صاحب كتاب مختصر تاريخ الخلفاء وقال : « وإنّما أوردنا هذه الحكاية على وجهها ، لأنّ فيها مسائل يقع الشك فيها لكل من تأمّلها ويشتهي المخرج منها ، والمظنون أن من جعل عبد الله ابن العباس قدوة في ذلك ، مع علمه وحلمه وقرباه برسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وكونه في الفتن واختياره لنفسه ، وسار بسيرته وحكم بمثل حكمه كان من الفايزين ... اهـ » (٢).
ونعود إلى بقية المحاورة برواية الشيخ ابن بابويه الصدوق وقد رواها في كتابه الخصال فقال : « فتكلم عمرو بن العاص فقال : يا أمير المؤمنين والله ما أحبَّك ساعة قط ، غير أنّه قد أعطي لساناً ذربا يقلّبه كيف شاء ، وان مثلك ومثله كما قال الأوّل ( وذكر بيت شعر ).
فقال ابن عباس : إن عمراً داخل بين العظم واللحم ، والعصا واللحا ، وقد تكلم فليستمع فقد وافق قرنا. أما والله يا عمرو إنّي لأبغضك في الله وما اعتذر منه ، انك قمت خطيباً فقلت : إنا شانئ محمّد ، فأنزل الله ( عزّ وجلّ ) ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَر ) (٣)
____________________
(١) أنساب الأشراف ١ ق٤ / ٩٤ تح ـ احسان عباس.
(٢) مختصر تاريخ الخلفاء ط موسكو سنة ١٩٦٧ من ورقة ٢٤٠ب إلى ورقة ٢٤١ ب.
(٣) الكوثر / ٣.