فأنت أبتر الدين والدنيا ، وأنت شانئ محمّد في الجاهلية والإسلام ، وقد قال الله تبارك وتعالى : ( لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) (١) وقد حاددتَ الله ورسوله قديماً وحديثاً ، ولقد جهدتَ على رسول الله جهدك ، وأجلبتَ عليه بخيلك ورجلك ، حتى إذا غلبك الله على أمرك ، وردّ كيدك في نحرك ، وأوهن قوتك ، وأكذب أحدوثتك ، نزعت وأنت حسير ، ثمّ كدت بجهدك لعداوة أهل بيت نبيّه من بعده ، ليس بك في ذلك حبّ معاوية ولا آل معاوية إلاّ العداوة لله ( عزّ وجلّ ) ولرسوله ، مع بغضك وحسدك القديم لأبناء عبد مناف ، ومثلك في ذلك كما قال الأوّل :
تعرّض لي عمرو وعمرو خزاية |
|
تعرّض ضبع القفر للأسد الورد |
فما هو لي ندّ فاشتم عرضه |
|
ولا هو لي عبد فأبطش بالعبد |
فتكلم عمرو بن العاص فقطع عليه معاوية وقال : أما والله يا عمرو ما أنت من رجاله ، فإن شئت فقل ، وإن شئت فدع ، فاغتنمها عمرو وسكت.
فقال ابن عباس : دعه يا معاوية فوالله لأسمنّه بميسم يبقى عليه عاره وشناره إلى يوم القيامة ، تتحدث به الإماء والعبيد ، ويتغنى به في المجالس ويتحدث به في المحافل.
ثمّ قال ابن عباس : يا عمرو ما تبدأ في الكلام ، فمدّ معاوية يده فوضعها على في ابن عباس وقال له : أقسمت عليك يا بن عباس إلاّ أمسكت ، وكره أن يسمع أهل الشام ما يقول ابن عباس ، وكان آخر كلامه ، إخسأ أيها العبد وأنت مذموم ، وافترقوا » (٢).
____________________
(١) المجادلة / ٢٢.
(٢) الخصال ١ / ٩٩ ـ ١٠١ بتقديمي ط الحيدرية.