ذكر ابن عبد ربه في العقد الفريد قال : « وفي كتاب زياد إلى معاوية يخبره بطعن عبد الله بن عباس في خلافته » ، وكرر ذكره في مكان آخر (١) وانّه كتب إليه : « انّ عبد الله بن عباس يُفسد الناسَ عليّ ، فإن أذنت لي أن أتوعّده فعلتُ.
فكتب إليه : انّ أبا الفضل وأبا سفيان كانا في الجاهلية في مسلاخ واحد وذلك حلفٌ لا يحلّه سوء رأيك ( أدبك ) » (٢).
أقول : إنّ من معاني المسلاخ : الإهاب ، وهو الجلد ، والثوب ، ومنه سلخت المرأة ثوبها نزعته ، ومن المجاز : فلان حمار في مسلاخ إنسان ، وفي حديث عائشة ما رأيت امرأة أحبّ اليَّ أن أكون في مسلاخها من سودة ، وتمنت أن تكون في هيئتها وطريقتها ، ورجل سليخ مليخ شديد الجماع ولا يلقح (٣).
فيا هل ترى أنّ معاوية أشار على استحياء ، ومن طرف خفي إلى أنّ العباس وأبا سفيان كانا في الجاهلية في مسلاخ واحد ، يعني بذلك كناية عن إتيانهما معاً إلى هند أمه؟ والّذي يقرّب الينا هذا المعنى الكنائي ـ وربّ كناية أبلغ من تصريح ـ ما صرح به لابنه يزيد حين جرى بينه وبين إسحاق بن طابة بن عبيد كلام بين يدي معاوية وهو خليفة فقال يزيد لاسحاق : إن خيراً لك أن يدخل بنو حرب كلّهم الجنة ـ أشار يزيد إلى أنّ أم إسحاق كانت تتهم ببعض بني حرب ـ فغالطه إسحاق : إن خيراً لك أن يدخل بنو العباس كلّهم الجنة ، فلم يفهم يزيد قوله وفهم معاوية ، فلمّا قام إسحاق قال معاوية ليزيد : كيف تشاتم الرجال قبل أن تعلم ما يقال فيك؟ قال : قصدت شين إسحاق قال : وهو كذلك أيضاً ، قال :
____________________
(١) العقد الفريد ٥ / ١١.
(٢) نفس المصدر ٤ / ٢٠٦.
(٣) تاج العروس ٢ / ٢٦٢ سلخ.