صحيح قبل أن يذهب بصره ـ فانتبذوا وابتدأوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا. قال عمرو : فجاء ابن عباس ، وهو ينفض ثوبه وهو يقول : أفّ وتفّ ، وقعوا في رجل له بضعة عشرة فضيلة ليست لأحد غيره ، وقعوا في رجل قال له رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : لأبعثنّ رجلاً يحبّ الله ورسولَه ويحبّه اللهُ ورسولهُ ، لا يخزيه الله أبداً. قال : فاستشرف لها من استشرف فقال : أين ابن أبي طالب؟ قالوا هو في الرحى يطحن ، قال : وما كان أحدكم ليطحن ، فدعاه وهو أرمد لا يكاد يبصر ، فنفث في عينيه وهزّ الراية ثلاثاً ثمّ دفعها إليه. فجاء بصفية بنت حي.
وبعث أبا بكر بسورة التوبة ، وأرسل عليّاً خلفه فأخذها منه ، فقال أبو بكر للنبيّ : أنزل فيَّ شيء؟ فقال : لا ولكن لا يذهب بها رجل إلاّ مني وأنا منه.
وقال لبني عمه أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ ـ قال : وعليّ معهم جالس ـ فقال عليّ : أنا أواليك في الدنيا والآخرة فقال له : أنت أخي في الدنيا والآخرة.
وجمع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فاطمة وعليّاً وحسناً وحسيناً فقال : اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، وقال : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١).
وكان ـ عليّ ـ أوّل من آمن ( أسلم ) من الناس بعد خديجة.
وشرى عليّ نفسه ، فلبس ثوب النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ثمّ نام مكانه ، فجعل المشركون يرمونه كما كانوا يرمون رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وهو على فراش النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فجعل يتضور ، وجعلوا يستنكرون ذلك ، فجاء أبو بكر وعليّ نائم وهو يظنه رسول الله فقال : يا نبيّ الله ، فقال انّ نبيّ الله قد انطلق إلى بئر ميمون فأدركه ، فاتبعه ودخل معه الغار ، وبات عليّ يُرمى بالحجارة كما كان يُرمى نبيّ الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وهو يتضوّر ، وقد لفّ
____________________
(١) الأحزاب / ٣٣.