وتعالى يقول في كتابه : ( إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ ) (١).
قال : ( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ ) (٢).
فكان موسى يرى أنّ جميع الأشياء قد أثبتت له كما ترون أنتم أنّ علماءكم أثبتوا لكم جميع الأشياء ، فلمّا انتهى موسى إلى ساحل البحر لقي العالِم فاستنطقه ، فأقرّ له بفضل علمه ، ولم يحسده كما حسدتم أنتم عليّاً في علمه ، فقال له موسى : ( هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ) (٣) فعلم العالم أنّ موسى لا يطيق صحبته ولا يصبر على علمه ، فقال له العالم : ( إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ) (٤) قال موسى وهو يعتذر : ( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ) (٥) فعلم أنّ موسى لم يصبر على علمه فقال له : ( فَإِنْ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ) (٦) وكان خرقها لله ( عزّ وجلّ ) رضىً ولأهلها صلاحاً. وكان عند موسى ( عليه السلام ) سخطاً وفساداً ، فلم يصبر ( عليه السلام ) وترك ما ضمن له فقال : ( أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ) (٧) فكفّ عنه العالم ( فَانطَلَقَا
____________________
(١) الأعراف / ١٤٤.
(٢) الأعراف / ١٤٥.
(٣) الكهف / ٦٦.
(٤) الكهف / ٦٧ ـ ٦٨.
(٥) الكهف / ٦٩.
(٦) الكهف / ٧٠ ـ ٧١.
(٧) الكهف / ٧١.