أخرجها الله من صخرة صمّاء ، وعصا موسى ألقاها من يده فانقلبت حية تسعى ، والتقمت ما ألقى السحرة.
وأمّا الشيء فالرجل العاقل العامل ترد عليه الأمور فيدّبرها بعقله ويمضيها بعلمه.
وأمّا نصف الشيء فالرجل الممضي لما علم ، المتثبّت فيما جهل ، ترد عليه أمور يعجز عنها علمه ، ويقصر فهمه ، فيلجأ إلى ذوي العقول فيستشيرهم ، فلا تنتشر قواه ، ولا يتبع هواه.
وأمّا لا شيء فالرجل الّذي لا علم له ولا عقل ، ترد عليه الأمور فيتبع فيها هواه ، فيحل به رَداه ، فلا تلقاه إلاّ حائراً ، ولا تجده إلاّ بائراً.
فأخبرهم معاوية بذلك ، فقالوا : ما خرج هذا إلاّ من أهل نبيّ.
فقال معاوية : أجل ، هذا كلام ابن عم نبيّنا ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، قالوا : فاذن لنا نأتيه ، فإذن لهم فأتوه ، فقال : ءأنتم أصحاب المسائل؟ قالوا : نعم ، فقال : إنّ صاحبكم ذكر أنّكم أفضل أهل دينكم ، قالوا : إن قومنا ليقولون ذلك. قال : فقد سألتمونا فأجبناكم ، فهل تجيبوننا إن سألناكم؟ قالوا : سل.
قال : أخبروني عن موضعين أحدهما سهل والآخر جبل ، السهل لم تطلع قط عليه الشمس إلاّ ساعة من الدهر. والجبل رفعه الله ( عزّ وجلّ ) عن الأرض بلا عمد يمسكه ، ولا سبب يحبسه؟
قالوا : ما لنا بذلك علم فأخبرنا.
قال : السهل منفلق البحرين لما فرقه الله تعالى لموسى لم تصل إليه الشمس قط إلاّ في تلك الساعة.
والجبل هو الّذي نتقه الله ( عزّ وجلّ ) فوق بني إسرائيل كأنّه ظلّة.