وهكذا تكوّنت جماعة التقريب معتمدة على الله وعكفت على البحث الدائب والعمل المستمر ، والاتصال بالمراكز الدينية في كلّ بلد إسلامي اتصالاً هادئاً مثمراً ، وابتعدت بنفسها عن الدعاية ، ولكن الدعاية جاءتها من قبل المعارضين. فإنّ المتعصّبين والمتزمتين وذوي النزعات والأغراض ؛ رأوا في نشاط الجماعة بدعة لا يصحّ السكوت عليها ؛ فبدأوا هجومهم على الفكرة وعلى الجماعة ، وأشتدّ هجومهم على الأيام ، وليس بيننا من لم يأخذ نصيبه من هجومهم كاملاً غير منقوص.
لكن الجماعة هيأت نفسها لهذا من أوّل الأمر ؛ لأنّها تعلم أنّها تواجه رواسب قرون ، وكانت تتوقّع حملات فيها الطعن والتجريح ، وبدل أن تضعف الهجمات العزائم شحذت الهمم وقوت الجماعة على السير بالفكرة إلى النهاية.
وكانت هذه الهجمات نفسها دليلاً على ضرورة فكرة التقريب للمجتمع الإسلامي كي يتخلّص من العناصر البغيضة ذات التفكير السقيم الذي يبلبل الخواطر ، ويصرف الأذهان عما ينفع الناس ، ويمكث في الأرض.
أذكر أنّ أحد هؤلاء المتعصّبين ملأ كتاباً بالطعن على الشيعة والهجوم على جماعة التقريب لقيامهم بهذه الفعلة النكراء فعلة التقريب بين السنّة والشيعة!
وفي الوقت نفسه وصلنا كتاب عن الطرف الآخر من تلك الكتب المؤلّفة في عهد الصفوية مليء بالهجوم على أهل السنّة ، وكلا الكتابين التقى مع الآخر في الهجوم على الجماعة ، فماذا تظن كان موقف الجماعة؟
إنّهم قرؤوا بهدوء تلك المهاجمات العنيفة ، ولكنّهم لم يتأثّروا ، ولم