يكفّوا عن الجهاد ، كما كان المؤلّفان المتجنيان المتعصّبان ـ سامحهما الله ـ يأملان ، بل إنّهم أجمعوا على أنّ الحاجة ملحّة إلى بذل نشاط أكبر ما دام في العالم الإسلامي هذا النوع من الأشخاص ، وهذا اللون من التفكير ، وهذا الإضرار على محاولة التفرقة.
ولم يقف الأمر عند هذين الكتابين بل جاء من مثلهما الكثير ، وكثر كذلك الكلام هنا وهناك ، وكلّ هذا في جملته كان يحفّز الجماعة إلى أن تسعى لتحقيق ما حسبه البعض مستحيلاً.
لقد كان أكثر الناس يسمّي هذا النشاط محاولة هيهات أن تؤدّي إلى نتيجة ، وكان منهم من يرى هذه المحاولة مستحيلة ، وكان فريق آخر يظنّها سياسة على المألوف من الذين تعوّدوا إلّا تنبع أفكارهم من ذوات نفوسهم ، مع وضوح أنّه لا يمكن أن يكون لسياسة أجنبية ما رغبة في تجمّع على أساس وحدة المبادئ الدينية لثقتها بأنّ ذلك هو عين القضاء عليها.
كلّ هذا كان دعاية نافعة لجماعة التقريب ، لفتت إليها الأنظار ، وجعلت كثيراً من الناس يدرسون فيعرفون فيصبحون جنوداً ، فكثر بذلك أنصارها ، وضمّ كثير من المفكّرين وعلماء الدين في مختلف البلاد جهودهم إلى جهودها ، فأصبحت هذا الجماعة التي تكوّنت في القاهرة مركزاً فكرياً علمياً أعضاؤه من أولي العلم وأصحاب التوجيه والرأي في العالم الإسلامي كلّه وضاقت الأرض على الأقلام المفرّقة ونبّاشي القبور الذين لا همّ لهم إلّا تحريك الماضي المتعفّن وإثارة العواطف البغيضة!
إنّ تكوين الجماعة نفسه كان توفيقاً ، لأنّهم هيئوا للمسلمين مركزاً يصلح للنظر في مشكلاتهم ويلتقي فيه رجال الإسلام من كلتا الطائفتين ، ويظلّه