الهدوء وتقدير المصلحة ، ويسوده الوفاق لا الخصام.
وكأن المسلمين بمشاكلهم الطائفية كانوا في ظلام لا يرى بعضهم من بعض إلّا أشباحاً مخيفة ، وكأنّ الجماعة أضاءت لهم ، لترى كلّ طائفة أختها على حقيقتها لا على وحي الظلام ، ولقد كان للسان الجماعة : مجلة رسالة الإسلام ، دور عظيم ، إذ جعلت توصل الفكرة إلى مكتبات العلماء ورجال الفكر ، وكان كلّ عدد منها يزيل الستار عن جزء من المحجوب ، ويكسب عدداً أكبر لجانب التقريب ، وتبيّن بوضوح أنّ المسلمين لا يختلفون في كتابهم ولا في صلواتهم ولا في صومهم ولا في حجّهم بالإضافة إلى اتفاقهم المطلق في أصول العقائد وأصول الدين والتوحيد والنبوّة ، وليس يضيرهم أن يكون لبعضهم أصول مذهبية خاصّة كالولاية عند الشيعة الذين يرون أنّ علياً وأولاده أحقّ بها من غيرهم.
لقد قرأ السنّي عن الشيعة أبحاثهم واستنباطهم وأعجب بالكثير منها ، وقرأ الشيعي عن السنّة أنّ أهل البيت مجمع بينهم على حبّهم وإكرامهم وإنّ ما صدر عن بعض الظالمين لا يمثّل رأي السنّة في أهل البيت.
وعرف أهل السنّة أنّ الشيعة يعتبرون الغلاة نجساً ويحكمون بكفرهم ، ويحكمون بخروج أصحاب الحلول كذلك.
وإذن فشتان بين الشيعة على حقيقتها ، والشيعة التي تصوّرها المتصوّرون. وشتان بين الناصبي الذي كان يناصب أهل البيت العداء ، وأهل السنّة الذين يرون في حبّ أهل البيت عبادة ويصلّون عليهم في تشهدهم اللّهم صل على محمّد وآل محمّد ... وبارك على محمّد وآل محمّد.