وأمّا لو لم ينحصر الاحتمال فيهما بأن احتمل كونه من القرحة أو الاستحاضة ، فيشكل الحكم بالحيضيّة بمجرّد خروج القطنة منغمسةً بالنظر إلى إطلاق الصحيحتين وفتاوى الأصحاب ، إلّا أن يقتضيه دليل آخر من قاعدة الإمكان ونحوها ؛ لأنّه لا يفهم منهما بعد فرض انحصار الاحتمالين في موردهما ـ كون الانغماس أمارةً تعبّديّة لثبوت الحيضيّة ؛ لجواز أن يكون طريق العلم بحيضيّة الدم نفي الاحتمال الآخر لا الانغماس. ولذا توقّف المصنّف في ظاهر المتن والنافع وصريح المعتبر (٢) وكذا العلّامة في ظاهر القواعد (٣) في المسألة ، ولم يحكم بالحيضيّة.
والاعتراض عليهما بمنافاته لظاهر النصوص والفتاوى قد عرفت دفعه بعدم دلالتهما على كون الانغماس أمارةً تعبّديّة لثبوت الحيضيّة.
وأمّا الاعتراض عليهما بأنّ مفروضهما ما إذا انحصر الاحتمال في الأمرين ، فلا وجه للتوقّف في ثبوت أحدهما بعد الجزم بنفي الآخر ، فيدفعه أنّ ثبوت أحد الأمرين المعلوم ثبوت أحدهما بعد العلم بنفي الآخر من البديهيّات الأوّليّة التي لا تختفي على أحد فضلاً عن مثل المحقّق والعلّامة ، فعدم جزمهما بثبوت الحيضيّة دليل على أنّ توقّفهما إنّما هو فيما إذا احتمل كونه دماً آخر سوى العذرة والحيض.
وأمّا ما نقل عن المصنّف في المعتبر من دعوى الإجماع على أنّ ما تراه المرأة من الثلاثة إلى العشرة يحكم بكونه حيضاً ما لم يعلم أنّه لقرح أو عذرة وإن لم يكن بصفات الحيض ، فلا ينافي توقّفه في المقام ؛ لأنّ
__________________
(٢) انظر : المختصر النافع : ٩ ، والمعتبر ١ : ١٩٨.
(٣) انظر : قواعد الأحكام ١ : ١٤.