من دون أن يكون لأفرادها من حيث خصوصيّاتها الشخصيّة مدخليّة في الحكم ، ومن المعلوم أنّ الطبيعة من حيث هي لا تقبل التكرّر ، وإنّما المتكرّر أفرادها التي لا مدخليّة لخصوصيّاتها في ثبوت الجزاء ، فيكون تحقّق الطبيعة في ضمن الفرد الثاني من الأفراد المتعاقبة بمنزلة تحقّقها في ضمن الفرد الأوّل بعد حصول المسمّى ، فكما أنّه لا أثر لتحقّق الطبيعة في ضمن الفرد الأوّل بعد حصول المسمّى عند استدامته إلى الزمان الثاني ، كذا لا أثر لتحقّقها في ضمن الفرد الثاني بعد كونه مسبوقاً بتحقّقها في ضمن الفرد الأوّل ، نظير سببيّة الحدث للوضوء حيث يجب الوضوء عند تحقّق مسمّاه ، ولا أثر لاستمراره بعد حصول المسمّى ولا لتجدّده ثانياً ، وليس هذا تقييداً لإطلاق ما دلّ على سببيّة صرف الطبيعة بلحاظ تحقّقها الخارجي للوضوء حتى ينفيه أصالة الإطلاق.
وقد أشرنا إلى أنّه إذا لم يكن للخصوصيّات الشخصيّة مدخليّة في ثبوت الجزاء ، ليس تحقّق الطبيعة في ضمن الفرد الثاني إلّا كتحقّقها في ضمن الفرد الأوّل بعد حصول المسمّى.
وصدق وطئين أو أزيد عند تخلّل الفصل المعتدّ به عرفاً دون ما إذا لم يفصل إنّما يصلح فارقاً إذا كان الحكم معلّقاً على وجودات الطبيعة وتشخّصاتها ، أي أفرادها ، دون ما إذا كان الحكم معلّقاً على الطبيعة بلحاظ تحقّقها الخارجي ، وبينهما فرقٌ بيّن.
فعلى الأوّل لا يتنجّز الأمر بالجزاء إلّا بعد أن يتفرّد الفرد بالفرديّة عرفاً بأن فرغ منه وإن طالت مدّته ، فيكون مجموع أجزائه مؤثّرةً في إيجاب الجزاء.