وعلى الثاني يتنجّز التكليف بعد حصول المسمّى ولا مدخليّة لما زاد عنه في التأثير ، لكن لا يصحّ منه الجزاء ما دام الاشتغال بالفعل ، لا لعدم الأمر كما في الأوّل ، بل لبقاء علّة الوجوب وإن لم يكن الأثر مستنداً إليه بالفعل.
مثلاً : لو قلنا بأنّ مباشرة ماء البئر لبدن الجنب سبب لوجوب نزح أربعين ، فلو وقع الجنب في البئر ، يتحقّق الوجوب بمجرّد المباشرة لكنّ النزح لا يجدي ما دام الجنب في البئر ، فبقاؤه وإن لم يكن علّةً فعليّة للنزح لكنّه مانع من تأثير النزح في سقوط التكليف ، كما هو ظاهر.
فحينئذٍ يتمّ النقض على الدليل المذكور ؛ فإنّ اتّصال ماء البئر ببدن الجنب في الآن الثاني ليس إلّا كحدوثه ثانياً في سببيّته للنزح ، فلو كان عدم تأثيره ثانياً في الفرض الثاني في إيجاب جزاء مستقلّ منافياً لظاهر الدليل الدالّ على سببيّة طبيعة الشرط للجزاء ، لكان في الفرض الأوّل من حيث تحقّق الطبيعة في الآن الثاني أيضاً كذلك.
وحلّه : ما عرفت من أنّ الطبيعة من حيث هي تصدق على القليل والكثير والواحد والمتعدّد ، ومقتضى كونها مؤثّرةً من حيث هي استناد الأثر إليها باعتبار أوّل آنات تحقّقها ، وكون ما عداه من وجوداتها أسباباً شأنيّة من دون فرقٍ بين كون سائر الوجودات متّصلةً بوجودها الأوّل بحيث يُعدّ مجموع وجوداتها فرداً واحداً مستمرّاً بنظر العرف أو مفصولةً عنه بحيث يتعدّد بسببها الأفراد.
نعم ، لو كان الجزاء مرتّباً على وجودات الطبيعة أي أفرادها ، لكان مقتضى القاعدة تكرّر الجزاء بتعدّد الفرد من دون فرقٍ بين ما لو وجدت