ومن المعلوم أنّه إنّما يعقل الاعتماد على الأمارات وإن كانت معتبرةً شرعاً ـ كالبيّنة وخبر الثقة وغيرهما ما لم يعلم مخالفتها للواقع ، فالعلم بعدم البلوغ كالعلم بمسبوقيّة الدم بحيضة غير متخلّلة بزمان أقلّ الطهر يوجب العلم بتخلّف الأمارات عن الواقع ، فلا يجوز الاعتناء بها حينئذٍ ، وهذا بخلاف صورة الشكّ ؛ فإنّه يعمل بمؤدّاها من الحكم بالحيضيّة ، فيثبت بها البلوغ الذي هو من لوازمها.
وأمّا الكلام في طريقيّة هذه الأمارات واعتبارها شرعاً فله مقام آخر لا مدخليّة له في حلّ الإشكال.
هذا ، مع أنّ المناقشة في اعتبارها شرعاً إنّما تتمشّى فيما إذا لم يحصل الاطمئنان بعدم التخلّف عن الواقع ، وإلّا فلو حصل الاطمئنان وجزم النفس بعدم التخلّف ، فلا وجه للمناقشة في الاعتماد عليها.
(وكذا) أي كالدم الخارج قبل التسع في عدم الحيضيّة (قيل فيما يخرج من الجانب الأيمن) كما عن الصدوق والشيخ وأتباعه (١) ، بل نسب إلى المشهور اشتراط خروجه من الجانب الأيسر عند اشتباهه بدم القرحة (٢).
وعن ابن الجنيد رحمهالله أنّه قال : دم الحيض أسود عبيط تعلوه حمرة ، يخرج من الجانب الأيمن ، وتحسّ المرأة بخروجه ، ودم الاستحاضة بارد
__________________
(١) حكاه عنهم العاملي في مدارك الأحكام ١ : ٣١٦ ٣١٧ ، وانظر : الفقيه ١ : ٥٤ ، والنهاية : ٢٤ ، والمبسوط ١ : ٤٣ ، والمهذّب ١ : ٣٥ ، والوسيلة : ٥٧.
(٢) انظر : جامع المقاصد ١ : ٢٨٢ ، ومفتاح الكرامة ١ : ٣٣٨ ، وجواهر الكلام ٣ : ١٤٤ ، وكتاب الطهارة للشيخ الأنصاري ـ : ١٨٧.