ولا يبعد أن يدّعى أنّ سوق الرواية يشهد بأنّ المجعول في حقّها حجّيّة مطلق الظنّ الحاصل من الأوصاف المعهودة لدم الحيض ولو لم ينصّ عليها الشارع بالخصوص ، بل ولو عهدتها لشخصها بخصوصيّتها الشخصيّة ، كما لو استكشفت من عادتها المنسيّة أنّ لحيضها صفةً مخصوصةً ، فحصل لها الظنّ بأنّ واجد هذه الصفة هو حيضها ، فلا يبعد القول باستفادة حجّيّته من هذه الرواية ؛ إذ ليس معرفة إقبال الدم من إدباره مخصوصةً بالنظر إلى خصوص تغيّر لونه من السواد ، وإنّما نصّ الإمام عليهالسلام عليه بالخصوص لكونه أظهر الأوصاف ، وإلّا فللحيض أوصاف عديدة يمتاز بها عن الاستحاضة ، كما ورد التنصيص عليها في عدّة من الروايات المتقدّمة ، فتلك الروايات شاهدة على أنّ المقصود ليس تمييز الدم بخصوص السواد.
وكيف كان فإذا فقدت هذه الأمارة أيضاً بأن لم يمكن معرفة الدم باللون ونحوه أيضاً ، فقد أمرها النبيّ صلىاللهعليهوآله حينئذٍ بأن تتحيّض في كلّ شهر في علم الله ستّة أو سبعة ، فهذه هي السنّة الثالثة.
والرواية صريحة في أنّ هذه السنّة هي تكليف ظاهريّ عمليّ ، فتكون بمنزلة الاصول العمليّة المجعولة للشاكّ ، التي يرجع إليها عند فقد الأمارة الشرعيّة ، فعلى هذا ليس للمبتدئة الرجوع إلى رواية الستّ أو السبع إلّا إذا تعذّر في حقّها التمييز بالأوصاف بأن استمرّ دمها على لونٍ واحد وحالةٍ واحدة ، كما هو الشأن في قصّة حمنة على ما استظهره الصادق عليهالسلام من سؤالها ، وإلّا فعليها الرجوع حينئذٍ إلى ما سنّها للناسية ، كما أنّ للناسية الرجوع إلى ما سنّ للمبتدئة إذا كان قصّتها كقصّة حمنة ،