وكيف كان فلا شبهة في أنّه يستكشف من فتوى الصدوق ونظرائه ثبوت رواية موافقة لما عليه المشهور في الأُصول المعتبرة التي يعتمد عليها مثل الصدوق ؛ لأنّه يمتنع عادةً أن يصدر مثل هذه الفتوى من مثلهم عن حدسٍ واجتهاد من دون أن يصل إليهم رواية معتبرة ، فإن كانت هذه الرواية ما رواه الشيخ في التهذيب كما هو المظنون لو لم نقل بكونه المقطوع به فهو ، وإلّا فنقول : هذه الرواية التي استكشفناها إجمالاً من فتوى مثل هؤلاء الإعلام لا يعارضها ما في الكافي ؛ لشذوذه وإعراض الأصحاب عنه.
فظهر لك أنّه لا حاجة لنا إلى إثبات أرجحيّة ما في التهذيب بخصوصه ممّا في الكافي حتى يتوهّم أنّ الأشياء المذكورة إنّما تفيد الظنّ بعدم وقوع الاشتباه من الشيخ في نقله ، وأنّه أوثق من الكليني في خصوص المقام ، ولا دليل على اعتبار مثل هذا الظنّ حيث إنّ المقام ليس من قبيل تعارض الخبرين حتى يترجّح أحدهما بالشهرة أو بالأوثقيّة أو بغيرها من المرجّحات ؛ إذ الظاهر بل المقطوع به كونهما روايةً واحدة وقد وقع الاختلاف في نقلها ، ولا دليل على اعتبار المرجّحات في مثل الفرض.
هذا ، مع أنّ التوهّم فاسد من أصله ؛ لاستقرار سيرة العلماء بالاعتناء بمثل هذه المرجّحات في تعيين ألفاظ الرواية ، فيمكن الاستدلال عليه أوّلاً : ببناء العقلاء على الاعتناء بمثل هذه الترجيحات لدى الحاجة ، كما في ترجيح أقوال اللغويّين بعضها على بعض.
وثانياً : باستفادته ممّا ورد في الأخبار المتعارضة إمّا بتنقيح المناط ؛