للقطع بأنّ الأمر بالأخذ بقول مَنْ كان أوثق وأصدق من الراوين ليس إلّا لكون احتمال صدوره من الإمام أقوى ، أو بدعوى عدم قصور ما ورد في الأخبار المتعارضة عن شمول مثل الفرض ؛ إذ المناط ليس صدور أخبار متعارضة عنهم عليهمالسلام ، وإلّا فلا معنى للأخذ بقول الأصدق والأوثق ، بل المناط بلوغ روايتين مختلفتين إلينا ، وهذا كما يصدق فيما لو نسبهما الراويان إلى الإمام عليهالسلام بحيث تتعدّد الرواية اصطلاحاً ، كذلك يصدق في مثل الفرض ؛ لصدق قولنا : روينا عن الكليني بإسناده إلى الإمام عليهالسلام كذا ، وروينا عن الشيخ كذا ، فقد بلغنا عن الإمام عليهالسلام في الفرض روايتان مختلفتان وإن اتّحدتا اصطلاحاً ببعض الاعتبارات.
إن قلت : فمقتضى ما ذكرت الحكم بالتخيير على تقدير تكافؤ الاحتمالين لا التساقط ، كما هو المختار في تعارض الخبرين ، وهذا ينافي ما تقدّم من أنّ المتعيّن ـ على تقدير تكافؤ الاحتمالين الرجوع إلى الأصل الموافق لأحدهما.
قلت : الظاهر اختصاص الحكم بالتخيير في الخبرين المتعارضين بما إذا لم يعلم بكذب أحدهما واحتمل صدورهما معاً من الشارع ؛ لأنّ حكمته على ما يستفاد من جملة من الأخبار التسليم والانقياد لأمر الشارع ، وعدم رفع اليد عنه مهما أمكن ، وهذا إنّما يتصوّر فيما إذا أُحرز أمر الشارع بكلِّ منهما إمّا بالسمع أو بالتواتر أو بإخبار الثقات [الذين (١)] لا يعتنى باحتمال كذبهم.
__________________
(١) بدل ما بين القوسين في «ض ٦ ، ٨» والطبعة الحجريّة : التي. والصحيح ما أثبتناه.