بين أيّامها ، بل التخيير الذي يحكم به العقل في مثل المقام لا يمكن أن يكون استمراريّاً ؛ لأنّا لو لم نقل بكونها مكلّفةً في مرحلة الظاهر كالمبتدئة ومَنْ لم تستقرّ لها عادة من حيث الوقت بأن تتحيّض أيّاماً وتصلّي فيما عداها ، كما ستعرف قوّته ، فلا أقلّ من احتماله ، فعلى هذا لا يحكم العقل بالتخيير إلّا ابتداءً ، فإنّها إذا اختارت الترك في اليوم الأوّل من الشهر مثلاً ، ففي اليوم الثاني يرتفع التحيّر الذي هو موضوع حكم العقل بالتخيير ؛ لأنّ أمرها فيما بعدُ يدور بين التعيين والتخيير ، فإنّ الترك فيه جائز قطعاً إمّا لكونها مخيّرةً بين الأمرين أو لكون اختياره متعيّناً في حقّها في مرحلة الظاهر ، فلا يستقلّ العقل حينئذٍ بالتخيير ، بل يتعيّن عليها الترك إلى أن تنقضي أيّامها ، فيعكس الأمر ، كما أنه لو اختارت ترك التحيّض من أوّل الشهر إلى أن لا يبقى منه إلّا عدد أيّامها ، يتعيّن عليها التحيّض فيما بقي ؛ لما عرفت من دوران الأمر بالنسبة إليها بين التعيين والتخيير ، فلا يحكم العقل إلّا بالإتيان بالمعين ؛ لقاعدة الاشتغال.
فاتّضح لك ضعف القول المحكيّ عن الشيخ من وجوب الاحتياط ، مضافاً إلى ابتنائه على عدم استفادة حكم المسألة من الأخبار ، وستعرف خلافه.
والأظهر ما عن الأكثر (١) بل عن المشهور (٢) من أنّها ترجع إلى عادتها ، فتتحيّض بعددها مخيّرةً في وضعها من الشهر حيث شاءت.
ويدلّ عليه مضافاً إلى مواقفته في الجملة للقواعد كما عرفته مفصّلاً ما يستفاد من مرسلة يونس وغيرها من أنّه ليس لذات العادة رفع
__________________
(١) الحاكي عن الأكثر هو العاملي في مدارك الأحكام ٢ : ٢٥.
(٢) الناسب إلى المشهور هو البحراني في الحدائق الناضرة ٣ : ٢٣٩.