لو كان مسبوقا بالفسق يستصحب فسقه ، ويحكم بعدم وجوب إكرامه ، فلو لم يعلم حالته السابقة ينفى التكليف بأصل البراءة.
وأمّا الموثّقة فهي مسوقة لبيان عدم وجوب الاجتناب عن سؤر الطير عند خلوّ بدنه من عين النجاسة. وتخصيص الدم بالذكر لنكتة الغلبة ، إذا الغالب أنّه لا يرى في منقار الطير شيء من النجاسات عدا الدم المتخلّف من الميتة التي يأكلها إذا كان ممّا يأكل الجيف ، كالعقاب والصقر والباز التي وقع السؤال عن سؤرها في الرواية ، فالمراد بالدم هو هذا الدم الذي يغلب إصابته لمنقار الطير ، الذي كان مفروغا عندهم نجاسته.
وأمّا سائر الدماء فرؤيتها في منقار الطير كرؤية غيرها من النجاسات من الفروض البعيدة التي لا يتوهّم إرادتها من إطلاق نفي البأس عن سؤر الطير حتّى يحتاج إلى الاستثناء الذي هو في الحقيقة استدراك ، ولذا نفي البأس في صدر الرواية عن سؤر الحمامة على الإطلاق ، فإنّه روى عمّار بن موسى عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه سئل عمّا تشرب منه الحمامة ، فقال : «كلّ ما أكل لحمه فتوضّأ من سؤره واشرب» وعن ماء شرب منه باز أو صقر أو عقاب ، فقال : «كلّ شيء من الطير يتوضّأ ممّا يشرب منه إلّا أن ترى في منقاره دما ، فإن رأيت في منقاره دما فلا توضّأ منه ولا تشرب» (١).
وفي رواية الشيخ : وسئل عن ماء شربت منه الدجاجة ، قال : «إن كان في منقارها قذر لم تتوضّأ منه ولم تشرب ، وإن لم تعلم أنّ في منقارها قذرا توضّأ منه
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٣٧ ، الهامش (٢).