وما سمعته من بعض (١) المتأخّرين من الترديد فيه لا يوجب الوسوسة في الحكم بعد احتفاف نقل الإجماع بأمارات الصدق ، فالشأن إنّما هو في إثبات نجاسة بول الطير ، فإنّ عمدة مستندها حسنة ابن سنان ، المتقدّمة (٢).
وأمّا نقل الإجماع : فلا اعتداد به بعد تحقّق الخلاف قديما وحديثا وتصريح غير واحد من ناقلية بذلك.
وأمّا الحسنة : فلا تصلح لمعارضة الموثّقة ، لضعف ظهورها بالنسبة إلى الطير ، بل ربما يدّعى انصرافها عنه بعدم (٣) معهوديّة البول للطير أو ندرته ، كما في الخشّاف.
ولا ينافي ذلك وقوع التصريح بنفي البأس عنه في الموثّقة ، لكونها مسوقة لبيان إعطاء الضابط ، فلا ينافيه ندرته بل عدم وجوده بالفعل ، بل يكفي فيه مجرّد الفرض الغير المستحيل في العادة ، وهذا بخلاف الحسنة التي ورد الأمر فيها بغسل الثوب من أبوال ما لا يؤكل لحمه ، فإنّ المتبادر منه إرادة الحيوانات التي يتعارف لها البول ، ويتعارف وصول بولها إلى الثوب ، دون الفرضيّات.
هذا ، مع إمكان أن يدّعى انصراف إطلاق مأكول اللحم وغيره عن مثل الخشاف ونحوه ممّا لا اعتداد بلحمه عرفا.
لكنّ الإنصاف أنّ دعوى انصراف مثل قوله : «اغسل ثوبك من بول كلّ ما
__________________
(١) أي : صاحبا البحار والذخيرة ، وتقدّم قولهما في ص ١١.
(٢) في ص ١٣.
(٣) في «ض ١٠ و ١١» : «لعدم».