المدارك (١) ـ أنّ الرجس هو الإثم ، ويؤيّد إرادته في خصوص المقام جعله من عمل الشيطان ، فلا يناسب حمله على أعيان المذكورات ، فالمراد بها استعمالها الذي هو من عمل الشيطان.
ولو سلّم كونه بمعنى النجس ، فالنجس يطلق لغة على كلّ مستقذر وإن لم يكن نجسا بالمعنى الشرعي ، ولم يثبت كونه لدى الشارع حين نزول الآية حقيقة في خصوص هذا المعنى.
وعلى تقدير تسليم كونه حقيقة فيه يشكل إرادته في المقام ، لأنّه يقتضي نجاسة الميسر وما بعده ، لوقوعه خبرا عن الجميع ، ولا قائل به.
ودعوى كونه خبرا عن خصوص الخمر وكون المقدّر لغيرها غيره ، مجازفة ، لشهادة السياق باتّحاد الجميع من حيث الحكم ، فالمراد بالاجتناب عن المذكورات ترك استعمالها بحسب ما هو المتعارف فيها.
وأمّا الأخبار : فهي معارضة بالأخبار الكثيرة المتقدّمة النافية للبأس عنه.
وما عن المشهور من حمل هذه الأخبار على التقيّة (٢) ـ جمعا بينها وبين أخبار النجاسة ـ ليس بأولى من حمل تلك الأخبار على الاستحباب ، بل هذا هو الأولى في مقام الجمع ، خصوصا مع ما في الحمل على التقيّة من الإشكال حيث إنّ المشهور بين العامّة ـ على ما حكي (٣) عنهم ـ هو النجاسة ، فيحتمل صدور أخبار النجاسة من باب التقيّة.
__________________
(١) مدارك الأحكام ٢ : ٢٩١.
(٢) حكاه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٣٦٠ نقلا عن شرح المفاتيح.
(٣) الحاكي هو العلّامة الحلّي في تذكرة الفقهاء ١ : ٦٤ ، المسألة ٢٠.