واشتمال بعضها على ما ينافي التقيّة من نجاسة النبيذ وحرمة الجرّي ونحوها لا ينفي احتمال صدورها تقيّة بالنسبة إلى الخمر وما يشاركها في الإسكار.
وما يقال ـ من احتمال صدور أخبار الطهارة رعاية لميل سلطان الجور أو لموافقتها لفتوى ربيعة الرأي (١) الذي كان معاصرا للصادق عليهالسلام ـ ففيه : أنّ غاية الأمر قيام احتمال صدور هذه الأخبار تقيّة ، كاحتمال صدور أخبار النجاسة أيضا كذلك ، فحمل أخبار الطهارة على التقيّة مع موافقة أخبار النجاسة لأكثر العامّة تحكّم.
نعم ، لو ثبت ترجيح أخبار النجاسة بسائر المرجّحات بحيث تعيّن الأخذ بها ، اتّجه حينئذ حمل أخبار الطهارة على التقيّة فرارا من الطرح المرغوب عنه.
لكنّ الأوجه حينئذ ردّ علمها إلى أهله ، فإنّ صدور مثل هذه الأخبار الكثيرة رعاية لميل سلطان الوقت أو فتوى بعض فقهائهم في غاية البعد.
لكنّ الإنصاف أنّ حمل أخبار النجاسة على الاستحباب مشكل ، لإباء بعضها عن ذلك ، فإنّ جملة منها كادت تكون صريحة في عدم جواز الانتفاع بما وقع فيه الخمر حتّى بالاكتحال منه في غير الضرورة وإن استهلكت فيه بأن قطر منها ـ مثلا ـ قطرة في حبّ من الماء أو المرق الكثير ، وهذه الخاصّيّة من آثار النجس المصطلح ، فإن أمكن التفكيك بين الآثار بالالتزام بوجوب الاجتناب عمّا فيه الخمر ولو مع استهلاكه دون وجوب غسل ملاقيه والتجنّب عنه في الصلاة ووجوب إعادة الصلاة الواقعة فيه وغير ذلك من آثار النجس ، اتّجه الجمع بين
__________________
(١) المجموع ٢ : ٥٦٣.